إذا اختلفوا، ويجمع شملهم إذا تفرقوا، ويعدل بينهم بالقسط؟ فأجبته أنه فوق ما قيل فيه، وفعلًا وافق بعد مضي زمان لما لم يكن هنا من يقوم مقامه، فنسأل الله تعالى أن يجبر المسلمن ويحسن عزاءهم على فقد رجال أكفاء أصيبت بهم الأمة، وعظمت لفراقهم الغمة، وما كل إنسان يعوضك غيره:
على الشهم ذي العرفان من كان ينفع ... ومن كان يجلي للخطوب ويدفع
تسح دموعًا من قصيم محافل ... لفرقته أمست من البين تجزع
وحق لها تبكي وتندب دائمًا ... على فقد حر في علاها مولع
تريق دموعًا وكفها مترادف ... وتبكيه أقطار كثير وأربع
فما فهد فينا سوي الأمل الذي ... يراح له في النائبات وينفع
وما فهد فينا سوي الكهف إن غدا ... إليه ذوو الحاجات يقضي ويشفع
وما فهد في الناس إلا مدافعًا ... فمطلبه يحصل وما رد يقمع
فمن بعده يرعى الضعفاء ويحمهم ... إذا ما دهتهم معضلات وضيعوا
إلى من له تأتي العناة وتشتكي ... وتقصده فيما عراها لينفعوا
إلى من له يؤتي لكشف ملمةٍ ... وكارثةٍ تبدو وخرقٌ يرقع
إذا ما ادلهم الخطب فرج رأيه ... بأمرٍ ونهيٍ في المطالب يسمع
فمن مثله في الناس يرجي لنفعه ... لقد قلَّ أهل النبل حقًا ونزعوا
فكم كربةٍ لله فرج جاهه ... يكاد لها القلب الرصين يقطع
بمالٍ وجاهٍ يفتدي كل من يري ... مضامًا ومغلوبًا له ظلٌ يفزع
لقد كان ذا عقلٍ رزينٍ مسددًا ... وكان لعمري في البراعة مصقع
برأي سديد ليس يومًا بطائشٍ ... فأني لنا ركنٌ سواه سميدع
أروني أخا عدل يقوم مقامه ... ومن ذا الذي أمسي به الشمل يجمع
ومن ذا الذي يقضي الحوائج جاهدًا ... ومن هابه أهل الشقاء وقرعوا
فآهًا على نجمٍ تبدي بضوئه ... عسي الله بالجبران يرفو ويرقع
فهيهات لا ننساه في كل نازلٍ ... قفوا نبكه حزنًا عليه ونهمع