في مهمات الأمور إلا ويوجد لديه ما يكشفها، أضف إلى ذلك تواضعًا وخفض جناح لأهل الفضل، وأدبًا ومعرفة، وقد اجتمعت الكلمة في أيامه وقلت المشاغبات.
ومن مناقبه أن طبع كتبا عدة الصابرين للحافظ ابن القيم رحمه الله بالمطبعة السلفية بمصر سنة ١٣٤٠ هـ على نفقته الخاصة، ووزعها وقفًا على المسلمين جزاه الله خيرًا.
كان يختصني فيسأل عن مسائل الدين والعبادات، ويأتي بمسائل تدل على عظمة الرجل وأنه فوق ما قيل فيه، ولا أن توفي الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي المتقدم ذكره جاء بعد ذلك المترجم يسأل من للمشكاة بعد يفتي الناس ويرشدهم، لأن القاضي مشغول بعمله، ومن جهة أخرى فإن ضعفاء الناس من النساء والضعفة لا يجدون مثله مفيدًا ومعلمًا ومبينًا، فأجبته أن أمثال الشيخ عبد العزيز في الناس قليل، فجعل يسترجع ويقول: من للحيض يرشدهن ويفتيهن؟ ومن ومن.
كان رحمه الله ذا ثروة عظيمة، ولديه أموال كثيرة، وبيته يقع في وسط البلد، وما كان فخورًا ولا متكبرًا، وهذه صفته:
كان طوالًا، قليل اللحم، قوي البدن، لأنه يؤثر المشي، أبيض اللون مشربًا بحمرة، دائم التفكير، شعر لحيته أبيض، ولا يحب خضبها بالحناء، ولا يضع العصا عن يده، وأمره نافد على الشريف والوضيع، فقد كانت الإمارة تخضع له، وقد قلنا فيه مرثية، بل الله ثراه بوابل الغفران، ورفع منازله في الجنان، وقد خرجت من كبد حري وفؤاد موجوع، وقلب بألم الفراق ملسوع، وذلك لما فجعت الخليفة برزئه، وعمت الأقطار مصيبته فجادت القريحة بهذه القصيدة لما قام بهذا الشخص العظيم من المصالح العامة لسائر المسلمين.
ولقد تفضل بعض الأدباء نحوي بإلقاء سؤال عن المترجم هل يستحق هذا المديح ولم يكن ملكًا ولا قاضيًا ولا مفتيًا، بل قصاراه أنه رجل يصلح بين الناس