ولقد جرى على أناس من عقيل ذهبوا في التجارة بدون تقيد مع الشروط التي وضعتها الحكومة ليخضع لها كل مسافر، فكان جزاء أولئك أن حبسوا في السجن وصودرت أموالهم جزاء بما كسبت أيديهم، ولما أن حج هذا الرجل العظيم وأراد الإياب إلى وطنه فزعت الأمة إليه يطلبونه السعي في خلاصهم، فما كان منه إلا أنه لما ودع جلالة الملك وأمر له بسيارة وكرامة عرض عليه الملك أن ينظر في شأن هؤلاء المجرمين، وهل يجوز الصفح عنهم، فتكلم فهد على الفور قائلًا:
يا طويل العمر إن تجاركم وشعبكم بمنزلة الأقدام التي تحمل الجسم، فإن استقامت استقام وإن ضعفت فإنها لا تحمله، ولعل هذه تردعهم وأمثالهم ويكفيهم الشيء القليل من العقوبة، فأصدر جلالة الملك الأوامر بالعفو عنهم، ورد أموالهم إليهم.
ولما نودي بالجهاد لنصرة أهل فلسطين قام بالنيابة عن أهل القصيم ورفع خطابًا لجلالة الملك بأن الرجال والأموال تحت إشارتكم، وأن الطريق إلى فلسطين تمر على القصيم، فإذا قدم غزاة جنوبي المملكة فهم على أتم أهبة، فسر بذلك جلالته كثيرًا وشكر لأهل مقاطعة القصيم ذلك.
ولقد اتخذ موضعًا يقع شرقي بريدة قريبًا منها واختاره سعة للبلد فلا يوهب ولا يبني فيه، وطلب تأييد الملك لذلك فحقق رغبته وأن لا تمتد إليه يد، بل يكون كما رسم، وما زال يدافع عنه حتى توفاه الله تعالى فبطل ذلك الاختصاص، ورأت الحكومة الحاضرة أيدها الله تعالى أن يكون في ذلك الموضع المشار إليه مستشفى كبير يضم عددًا غير قليل من المجالس والغرف والمستودعات والأسرة، يشغله أطباء ماهرون، كما أنشيء فيه أيضًا مدرستان كبيرتان إحداهما المدرسة الصناعية، والثانية المدرسة الثانوية، ومعهد المعلمين وإدارة التعليم، وكلل هذه المواضع قد بني بالإسمنت المسلح على أحدث طراز.
وكان المترجم عاقلًا رزينًا، قوي الإرادة، سديد الرأي، عظيمًا لا يقعقع له بالشنان، وله غور بعيد، وجميع آرائه سديدة، وقلما تنسد أبواب الرشد