وعصفت العاصفة، فلم يتمكنوا من ضبط الخيام لتقيهم ذلك، غير أن الله تعالى لطف بالحجاج بأن أقلعت سريعًا، وكان البرد يقدر بعضه بمثل بيض الدجاج.
ومما شوهد من العجائب أن أعرابيًا جعل يتمرغ في الأرض ويقول: إلهي ما هكذا تصنع بحجاج بيتك وزوارك، فرحمه من حوله والله أرحم الراحمين.
وفيها في يوم الاثنين ٧ رجب افتتح الملك عبد الله البرلمان الأردني، واستصدر منه قرارًا يقضي بضم القسم العربي من فلسطين إلى شرق الأردن تحت تاج الملك عبد الله بن الحسين، وصرح بأن قرار الجامعة العربية الذي صدر في إبريل سنة ١٩٤٨ م وقضى بانسحاب الجيوش العربية من فلسطين وتسليم البلاد لسكانها الأصليين أصبح لاغيًا.
ولما أن قسمت القدس بين الأردن وإسرائيل وأدركت الحكومات العربية خطر قيام دولة إسرائيل في المنطقة، عملت على التكتل والاتحاد لمواجهة هذا الخطر، فعقدت ميثاق الضمان الجماعي لتقوية أواصر التعاون الحربي والاقتصادي فيما بينها، وقد أصيب أهالي فلسطين من أعمال اليهود الوحشية، وشدة النكاية بهم، ومعاملتهم بأنواع البطش والتعذيب، بحيث لم يرحموا صغيرًا، ولم يوقروا كبيرًا، ولم يرعوا فيهم إلا ولا ذمة، مع أن اليهود أقل من ذكرهم وأحقر من ذلك خسةً وذلةً مع ما توعدهم الله تعالى به من اللعن وإلقاء العداوة فيما بينهم، والبغضاء إلى يوم القيامة، غير أن الأمور مرهونة لأوقاتها، ولا شك أن هذا الهوان لأهالي فلسطين وإجلائهم عن أوطانهم، وقتلهم وتعذيبهم بأنواع العذاب كله بشؤم الذنوب والمعاصي، كما قص الله علينا في كتابه معاملة بختنصر لبني إسرائيل لما أفسدوا في الأرض وعلوا علوًا كبيرًا، فأقبل بجنوده حتى نزل بساحتهم وحاصرهم، فنزلوا على حكمه، فحكم فيهم بحكم الجاهلية، وبطش بهم بطشًا عظيمًا، فقتل منهم الثلث، وسبي الثلث، وترك الزمني والشيوخ والعجائز، ثم وطاهم بالخيل وهدم بيت المقدس وساق الصبيان، وأوقف النساء في الأسواس حاسرات، وقتل المقاتلة، وخرب