وقد روى عنه أنه لما كان في يوم الاثنين ٢٨ صفر كان على عادته يصرف أعمال المجلس ويدير جلساته، وظل حاله هكذا طول يومه، حتى إنه كان يستعد للنزول إلى جدة في ليلة الثلاثاء لإذاعة حديثه من محطة الإذاعة اللاسلكية، ولكن الموت الذي هو غاية كل مخلوق عاجله بعد أن أدى صلاة المغرب، فأصيب بسكتة قلبية، وشيعت جنازته في الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم الثلاثاء آخر صفر، وكان خروج روحه قبل أن تتم الساعة الواحدة بدقائق من الليلة المذكورة، فرحمة الله على أموات المسلمين، وإنه ليؤلمنا كثيرًا أن نفقد رجال الدين ورجال الأعمال الذين كانوا مثالًا في الإخلاص والعلم والمعرفة، فتصاب الأمة كصيبتهم، وينهدّ ركن من أركان الشعب بموته، نسأل الله تعالى أن يسدد الأحياء ويرزقهم العلم والمعرفة والبصيرة.
وممن توفى فيها أمير الكويت أحمد الجابر بن مبارك بن صباح، وكان موته طبيعيًا، وهذه ترجمته:
هو الأمير شيخ الكويت وحاكمها أحمد بن جابر بن مبارك آل صباح، ولد في الكويت في رأس القرن، وكان كاتبًا قارئًا متواضعًا يعالج الأمور باللين والحكمة، بعيدًا عن العنف وسفك الدماء، يميل إلى الاقتصاد، ولديه ثروة، وكان متأدبًا واسع الاطلاع، ربعة القامة، حنطي اللون، ممتلئ الجسم، كث الشعر، بهي المنظر، جذاب الملامح، يلبس الملابس العربية ويضع العقال على رأسه، ويتدثر بالعباءة، ويتمنطق بخنجر في وسطه، ويضاف إلى ذلك أنه كان يرقب سير الحركة الأدبية والعلمية والسياسية في الشرق العربي عن كثب، ويقرأ الكتب والصحف معجبًا بالمدنية الأوربية، ميالًا إليها.
ولما حج للمرة الأولى في ١٣٣٦ هـ أكرم الحسين وفادته ودعته الحكومة الإنكليزية على أثر ختام الحرب العظمى، وهو ولي العهد، فسافر إلى زيارة عاصمتها لندن، وبلغها في شهر صفر ١٣٣٨ هـ وأهدى إلى ملك الإنكليز حصانًا عربيًا، وسيفًا وخنجرًا مذهبين، فقبل الإمبراطور هديته شاكرًا، كما سافر إلى مسقط والرياض وغيرها، ولما نعي له وفاة عمه سالم في شهر رجب ١٣٣٩ هـ وهو في نجد