بطلب العلم فإنه مكفي المؤونة، ولا عليه إن كان فارغًا من جميع أشغال الدنيا، وقد زوج جميع البالغين وجعلهم يترددون زرافات كل سنة لحج بيت الله الحرام، وأكرم جميع أسرته وسد خلتهم، وسيرهم لحج بيت الله الحرام، وقد يتطاول بالمساعدات المالية والتجهيز للحج من يراه بحاجة إلى ذلك.
فنسأل الله تعالى أن يرفع درجاته في دار الآخرة وأن يصب عليه من الغفران سحبًا ماطرة، وأن يجعله من وجوه ناضرة إلى ربها ناظرة، ولي من أبيات رثائية قلتها في بعض الأحباب لا فجعت بموته، وما أولى بمناسبتها في هذا الوضع لأن هذا الرجل الهمام يجدر بنا أن ننوه بذكره ونخلد مآثره التي قلَّ من يتصف بها من أهل الإسلام ويجاريه فيها غالب الأنام، فلا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم:
رأيتك في الدنيا مقيمًا وواثقًا ... تروح وتغدو ناسيًا كل نازل
أتعمر درًا آذنت برحيلها ... وتصرخ في ويلاتها بالزلازل
أما قد تراها في شتات وخدعةً ... تغر ذويها بالخداع الأباطل
تذيق محبًا من حلاوة شهدها ... وفي طيتها سمٌ لها كالحبائل
ألم ترها ترقي ذوي الحب رتبةً ... فترميهموا من شاهقات المنازل
لك الله ما طابت فترضى بموطنٍ ... وقلبك مشغوفٌ على غير حاصل
تجر الدواهي والبلايا خطوبها ... ويسأمها أهل النها والفضائل
بنفسي وأهلي من حبيب مفارقٍ ... أديبٍ نجيبٍ ماهرٍ في المسائل
دهينا به وأسوأتًا كيف أننا ... نكبنا به رغمًا على كل عامل
فلو أن فيه الموت يقبل فديةً ... لكنا بها نسعى سريعًا بعاجل
وقمنا سراعًا كي ندافع دونه ... بجاهٍ وأموالٍ كذا كل طائل
فما قد دهانا مثلها من مصيبةٍ ... ولا قد عرى من مزعجات الزلازل
فيا للمنايا كم أبادت لمثله ... فخرَّ صريعًا في العرا والجنادل
ويا ما أمرَّ البين والله إنه ... فراق حبيبٍ قد دهى بالعواضل