سبعمائة مقاتل، وغنم المسلمون منهم الإبل والأموال، وانهزمت شرائدهم إلى الكويت، وذلك يوم سابع عشر من رمضان، وأقام عبد الله بمن معه من الجنود على الجهراء أيامًا، وبعث الرسل إلى أبيه بالبشارة، وإلى بلدان المسلمين فحصل بذلك الفرح والسرور، فلله الحمد لا يحصى ثناء عليه.
ولما وصل الخبر إلى الزبير والبصرة سروا بذلك، لأن العجمان قد أكثروا بشن الغارات على أطرافهم، وأرسل باشا البصرة إلى عبد الله بن الإمام هدايا كثيرة صحبة النقيب محمد سعيد، وأرسل إليه رئيس بلد الزبير سليمان بن عبد الرزاق بن زهير هدية سنية، ثم إنه ارتحل عبد الله من الجهراء وقفل راجعًا إلى الرياض، فلما وصل الحفنة المعروفة في العرمة وهي الخبراء أذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم، وتوجه إلى الرياض مؤيدًا منصورًا، ولما بلغت البشارة بهذه الوقعة إلى الأحساء أنشأ الشيخ أحمد بن علي بن مشرف قصيدة فريدة تهنئة للإمام بهذا النصر على أعدائه المفسدين وهي هذه:
لك الحمد اللهم ما نزل القطر ... وما نسخ الديجور من ليلنا الفجر
وما هبت النكباء رخاء وزعزعت ... على نعم لا يستطاع لها حصر
فمن ذلك الفتح المبين الذي له ... تهلل وجه الدين وابتسم الثغر
تفتح أبواب السماء لمثله ... ويعلو بسيط الأرض أثوابها الخضر
فناهيك أمن فتح به من الغلا ... وأسفرت البلدان وابتهج العصر
تسامى به نجد إلى ذروة العلاء ... وأسفر وجه الحظ وافتخرت هجر
لقد سرنا ما جاءنا من بشارة ... فزالت هموم النفس وانشرح الصدر
لدن قيل عبد الله أقبل عاديًا ... يقود أسودًا في الحروب لها زأر
رئيس به سيما الخلافة قد بدت ... وفي وجهه الإكبار والعز والنصر
فصبح قومًا في الصبيحة اعتدوا ... وقادهم للبغي من شأنه الغدر
فروى حدود المرهفات من الدماء ... كما قد روت منه المثقفة السمر
فغادر قتلى يعصب الطير حولها ... ويشبع منها النسر والذئب والنمر