فهو الذي أعيا الزمان قرينه ... وبمثله كان الزمان ضنينا
لو كان حي قد بكى حياله ... خوف الممات لأكثروا التأبينا
من قبل أن يعلو المناكب نعشه ... ولأسبلوا الدمع السخين هتونا
سل عنه أرجاء الجزيرة إذ أتى ... وقد احتذت شرع الضراعم دينا
في كل صقع من حماها ناعق ... ولكل نهج قادة يدعونا
في حيرة حاقت بها وضراعة ... أودت بمجد رجالها الماضينا
فأراد أن تحيا حياة حرة ... يشدو بخالد مجدها الشادونا
وانصاع يبعثها بعزم ثابت ... مع قلة الأنصار والأهلينا
فتأمنت أرجاؤها وتفجرت ... باليمن من ماء الحياة عيونا
وسرى بها نور الحضارة واغتدت ... تبنى وتنشي قوة وفنونا
من ذا يظن بأنها في فترة ... لما يجاوز عدها الخمسينا
تغدو بابها حلة عرفت بها ... أمم سرى فيها الرقي قرونا
آثاره كالشمس في راد الضحى ... فبأيها يتحدث الراوونا
والله لو كان الفداء شريعة ... لفدته أرواح لنا وبنونا
لكنه لبى نداء مليكه ... كيما يلاقي الصفوة الماضينا
في مقعد لا تعتريه حوادث ... كلا ولا يخشى ذووه منونا
ولأن مضى بيد القضاء فإنه ... ما زال حيًا في القلوب مصونا
ما دام أبقى صورة من شخصه ... عدلًا تسر به البلاد ودينا
في ماجد عرف الأنام به الحجا ... منذ اصطفاه لنا الفقيد أمينا
ملأ الإله به الجزيرة غبطة ... وحباه نصرًا خالدًا ومبينا
وهذه مرثية لعلي حسن غسال ألقاها بين يدي الملك سعود بن عبد العزيز في القصر الملكي العامر بمكة المكرمة فنالت الإعجاب:
دهى الأرض زرء فادخ الوقع أوحد ... غداة نعى الناعي وعز التجلد
وباح اليتامى والأيامي واعولوا ... وفاضت عيون باكيات وأكبد