فنقول لما قدم عبد الله بن فيصل إلى روضة الربيعية وفر عبد العزيز المذكور لعظم الوحشة بينه وبين عبد الله بلغ ابن الإمام فراره، وكان في الروضة من يعين ويساعد على قتله لما هنالك من الضغائن فحسن بعض أعدائه قتله، فأرسل عبد الله بن فيصل سرية في طلبهم وجعل عليها أخاه محمدًا فاتبع ساقته وأدركهم في أرض الشقيقة فلما رأى عبد العزيز الطلب وقف وقال على ما يقتلني ابن سعود وما بيني وبينه دم فلا والله لا يصلون إلينا فأنذره خازنه سليمان بن حمد الصقعبي قائلًا له: خذ حذرك فالقوم قد وصلوك فلما غابت الشمس من أحد أيام شوال أدركوهم وقتل الأمير عبد العزيز وأولاده حجيلان وتركي وعلي وقتل معهم سبعة رجال منهم عثمان الحميضي من عشيرة عبد العزيز العليان، والعبد جابس بن سرور وأخوه عثمان بن سرور، وتركوا بقيتهم، وكان من الناجين سليمان الصقعبي لما أن رأى الطمع في الرقاب شق أسفل خرجه الذي فيه النقود فجعلت تساقط على الأرض فاشتغل بها القوم وفر تحت ظلام الليل إلى مكة.
ثم أن عبد الله رحل من روضة الربيعية ونزل في بلد بريدة فأقام فيها مدة أيام وكتب إلى أبيه يخبره بمقتل عبد العزيز المحمد وأولاده ويطلب منه أن يجعل في بريدة أميرًا، فأرسل الإمام فيصل رحمه الله عبد الرحمن بن إبراهيم إلى بلد بريدة واستعمله أميرًا فيها ثم هدم عبد الله بيوت عبد العزيز المحمد وبيوت أولاده، وقدم عليه في بريدة طلال بن عبد الله بن رشيد بغزوا أهل الجبل من البادية والحاضرة.
ولما فرغ من هدم تلك البيوت ارتحل من بريدة بمن معه من جنود المسلمين وعدا على ابن عقيل ومن معه من الدعاجين والعصمة والنفعة من عتيبة وهم على الدوادمي فصبحهم وأخذهم، ثم قفل راجعًا إلى الرياض مؤيدًا منصورًا وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم، وكان عبد الله بن عبد العزيز المحمد قد غزا مع ابن الإمام عبد الله في هذه الغزوة لأنه كان مقيمًا في الرياض فلما قرب من الرياض شرد من الغزو فالتمسوه فوجدوه قد اختفى في غار هناك فامسكوه وأرسلوه إلى القطيف وحبسوه فيه فمات في حبسه ذلك.