بالكتاب والسنة وتحكيمها. والتحاكم إليها قال الله تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا}. وما تقدم شعب وما نهضت أمة إلاَّ بالقيام بدين الله جلت عظمته والثبات على النواميس السماوية. إنَّ الإِسلام دين ودنيا فلا راحة للنفس ولا طمأنينة لها حتى تؤمن قوتها وإن الدين لا يتنافى عن طلب المعيشة والسعي في مصالح الحياة. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:(لا يقعدن أحدكم عن جانب طلب الرزق ويقول: اللَّهُمَّ ارزقني وقد علم أنَّ السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة وإنما يرزق الله النَّاس بعضهم من بعض). وحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على السعي في طلب الرزق فعن أنس رضي الله عنه: أن رجلًا من الأنصار أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله فقال: أما في بيتك شيء. قال: بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء. قال: إئتنني بهما فأتاه بهما فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: من يشتري مني هذين؟ قال: رجل أنا آخذهما بدرهم. قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثًا: قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه. فأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري وقال: اشتر بأحدهما طعامًا فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدومًا فائتني به فأتاه فشدَّ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عودًا بيده ثم قال: اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يومًا ففعل، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة". رواه أبو داود والنسائي والترمذي. فصلوات الله وسلامه عليك يا نبي الرحمة ويا رسول الهدى، علمتنا كيف نعيش أنَّه لا وجود للقدوم إلاَّ بصانع وحداد ولا وجود للعود إلاَّ بسقي ولا وجود للثوب إلاَّ بنسيج ولا وجود للطعام إلا بزراعة فإن لم يسع بنو آدم للإِنسان بوجودها فمن أين.
فأمَّا عن النهضة الدينية فقد قدمنا شيئًا عن إقامة هيئات للأمر بالمعروف