والنهي عن المنكر ومكافأة حفاظ القرآن بالألوف من النقود وتشجيع الأئمة والمؤذنين. وها قد بذلت الحكومة جهدًا في طباعة كتب السنة كمجموعة التوحيد ومجموعة الحديث وكتاب الإنصاف للمرداوي الذي فاق بكثرة صفحاته باهظة نفقاته واستجلبت كتاب كشاف القناع وطبع عدة مرات. كما قد طبع مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وشرح السنة للبغوي، وتحفة الأشراف للمزّي وجامع الأصول وشرعت في استجلاب مسند الإمام أحمد وتفسير ابن جرير الطبري وتفسير الحافظ ابن كثير والبغوي وطبع مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وأنجاله وأهل بيته، وقامت الوكلاء توزع هذه الكتب بالمئات والألوف مبذولة للعلماء والطلاب. فإنَّ جلالة الملك أسس نهضة ثقافية لتعليم النشئ ما يعود عليهم وعلى بلادهم بالمصلحة العامة بعدما خفت صوتها زمنًا لا يقل عن خمسمائة سنة فعادت نجد زمننا هذا لتتمتع بالحضارة والرقي بعدما كان لا يوجد فيها سيارة ولا طيارة وأورد تذكرة للمعتبر بأيام الله أنَّه قدم سيارة إلى بريدة في سنة ١٣٤٤ هـ فشخصت إليها الأبصار وعطلت الأمة أعمالها وخرجوا لرؤيتها والتفكر عليها. ومن أعجب ما رأيت أنَّ تلك السيارة التي قدمت إلى بريدة في السنة المذكورة لما علم الأهالي بأنَّها ستقوم من بريدة ظهرًا مسافرة بعد لبثها خمسة عشر يومًا في كراج أعدَّ لها كانت فيه مزارًا لرؤيتها من خلف الأبواب فعطلت المدارس الأهلية وخرج الآباء والأبناء لرؤيتها لما برزت أمام قصر الحكم في بريدة فكانت ترى كنجم يلوح على البعد وأحدثت انزعاجًا بصفتهم لم يعرفوها ولم يعتادوا رؤيتها. ولقد كانت الأمة محيطة بها فكان المتخلف عن الحضور في وقت بروزها يحول بينه وبينها ما لا يقل عن مائتي متر مملوءة بالرجال والصبيان وكنت أذكر أنَّ أهالي نجد في ذلك الزمان وقبله كانوا يذهبون مسافرين إلى مصر والشام والعراق والكويت يطلبون الرزق في تلك الأعصار ويؤلفون رعايا الإِبل والغنم من نجد لبيعها