للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يأتي عين -أي بئر- كلها حلوة ذكرتني بالنيل الذي لم أذق ماءه منذ ثمانية أعوام ونصف حتى عادني الحنين إلى السودان ومنابع النيل العظيم ومرتع الأهل والأحباب شاهدت تلك العيون والماء يندفع من مواسيرها من غير أي قوة دافعة مواسير كان كل قطر لها ستة بوصات والماء ينساب من فوهاتها في قوة هائلة على امتداد الأرض يبلغ مداه الأدنى خمسة عشر مترًا ومداه مرتفعًا إلى السماء إلى خمسة وثلاثين مترًا ويقيني لو كانت هناك قوة دافعة كالكهرباء مثلًا لما فعلت واستطاعت أن تنقل مثل هذه الطبيعة الخارقة للعادة ولا أشك أبدًا أن هذه القوة المائية الطبيعية إذا اجتمعت في صعيد واحد لولدت قوة كهربائية عظيمة يحسدها مشروع السد العالي المزمع بناؤه بمصر. ومن هذا الماء النمير ومن هذه العيون الدافقة قامت مزارع ومشاريع زراعية كبيرة ورياض وبساتين لم تحلم بها بريدة من قبل وسوف يأتي الحديث عن هذه المزارع ومن هذه العيون تسعة عيون فقط يشرب منها سكان بريدة خمسة منها حكومية وأربعة أهلية فلم يخل أي بيت هناك من ماسورة ماء وبثمن بخس جدًّا ٣٥ ريال فقط في السنة من العيون الأهلية ثم قال: وكانت هناك حوالي خمس عيون معدنية كبريتية كشفت عليها السلطات الحكومية الصحية وتأكدت من أنَّها كبريتية. وهنا تذكرت حلوان الحمامات بمصر وتذكرت حماماتها المعدنية التي يؤمها عدد كبير من المصابين ببعض الأمراض الجلدية للاستحمام فيها من أجل الشفاء. والحالة هذه فإنَّ بريدة اليوم هي أعظم من حلوان مصر بعيونها الكبريتية هذه ولكنها لم تجد العناية بهذه الناحية والدعاية لها فقد تكون المدينة الأولى لا في الشرق فحسب بل المدينة الأولى في العالم الغنية بالمياه الكبريتية القاضية على الأمراض الجسدية. . . إلخ. هذا ما ذكره الصحفي عثمان شوقي السوداني ولا تظن أيها المنصف أنَّ في كلامه مجازفة فهي المدينة المجهولة المحسودة وأراك إذا تجولت فيها ورأيت تلك الدوائر والمؤسسات والشركات والأمم من