للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حواليها من القرى والبلدان وقام بتجولات كثيرة في الإحساء والقطيف وما إلى ذلك من مدن الخليج. وقد أخذ العلم عن علماء مكة وأخذ عن علماء عنيزة. وكان له بحث ومناقشة في العلوم مع الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي ومع الشيخ صالح بن عثمان القاضي في عنيزة وغيرهما ويقدرونه لما يرون من حرصه واجتهاده وكان يحب كثرة المناقشة والجدل وله إلمام في الفقه والتفسير في الحديث وسائر العلوم العربية وله استشهادات بأبيات الشعراء والأدباء المتقدمين. ونال قضاء المدينة المنورة ووظيفة مساعد قاض في مكة المكرمة. وبما أنَّه كان صريحًا في القول ولا تأخذه لومة لائم ولا يداري فإنَّه لم يساعده الزمان بل تخلى عن الوظائف. وقد طلب للتدريس في معهد الرياض العلمي وكان إذ ذاك يدرس في مدرسة العلوم الشرعية. فاعتذر لأنَّه أبدى أن بقاءه في المدينة المنورة مدرسًا في المدرسة المذكورة أكبر نفعًا وأجدى مصلحة وكان يحرص على إطابة مطعمه وطلب أن يكون زرقه من المالية من مصلحة البريد ويصل إليه مساعدات من أجواد الأمة داخل المملكة وخارجها ويفرق كثيرًا منها على الفقراء والمحتاجين. وقد رأيت له ترجمة بقلم الشيخ فيصل بن محمد بن مبارك لما توفي فقال: مات العالم الزاهد طيب الله ثراك أيها المتوفَّى الحبيب وأسكنك فسيح جناته. حقًّا لقد مات الشيخ محمد العلي التركي وواروه في التراب. إنَّها سُنة الله في خلقه، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}. حقًّا لقد مات الشيخ بعد عمر مديد وسعيد قضاه في خدمة العلم وأهله. نعم مات بعد عمر مديد سعيد لم تلطخه المشاحنات على هذه الدنيا الفانية ولم ينخدع ببريق المناصب الرفيعة والرواتب الضخمة والمراكب الفارهة والقصور الأنيقة والعقار الفني بالدخل الثري. كل هذه وأكثر منها أتت إليه منقادة، فركلها برجله الطاهرة، مفضلًا عيش القناعة، متلذذًا بما ملأ الله به جوفه من جواهر العلوم النافعة متخذًا الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر