الذي جعله لا يستمر في قضاء المدينتين بريدة وعنيزة وكان قليل الغضب سمح الخلق مقلًّا من الدنيا من يجالسه لا يمل حديثه وكريمًا يتفقد الضعفاء من جيرانه وأقربائه ويتعهد الفقراء والمساكين ويحب الموحدة والجلوس في المسجد والتفرغ للعبادة ويحج كل عام. وكان لما ترك القضاء في عنيزة وانسحب من دون تعزيز لموقفه رأى ولي الأمر من ذلك أنَّه بخلاف ما يظن فيه من الدهاء والمعرفة فلم يوافق على جعله قاضيًا في العاصمة إلَّا إجابة للأهالي الذين طلبوا ذلك. وفعلًا كثرت الشكايات والمخالفات ضده. ولمَّا أعفي من قضاء بريدة أجرى له الملك عبد العزيز مساعدة شهرية لتأمين معيشته وإكرامًا له واحتفاظًا بكرامته. ثم أنَّه أخذ يؤلف حاشية وزوائد لزاد المستقنع وجعل من ذلك كتابًا ضخمًا خدمة للعلم وطلاب العلم. ولمَّا أن أوشك أن يتمه عرض عليه بعض الأجواد أن يطبعه على نفقته وألح عليه آخرون، غير أنَّه أحب أن يطبع الكتاب من حاله الخاص وقام بجمع لطبعه نفقات منذ مدة طويلة ودفع النفقة كلها قبل وفاته وأمر أن يكون الكتاب وقفًا لوجه الله تعالى وأن يوزع على طلاب العلم وقد بدئ بطبع الكتاب قبل وفاته لشهر وأقر الله عينه بذلك لأنَّه عمل صالح. وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلَّا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له". وقد جمع شوارد في كتابه هذا المسمى الزوائب وبذل جهودًا يشكر عليها وأبرزه على وضعه ذلك ولكل إنسان نظر وذوق، وقد أعيد طبعه ولكنه لم يجد عناية وخدمة بحيث لو كان في ثلاث مجلدات بالحرف الكبير لكان أحسن. وجزى الله من أعاد طبعه. وقد ذكر المؤلف أنَّه فرغ من حاشية الزاد في ١٣٧٢ ومن حاشية الزوائد في ١٣٧٣ هـ. وكانت وفاة المترجم في يوم الجمعة ثالث عشر شعبان من هذه السنة في مدينة بريدة فصلَّى عليه المسلمون في الجامع الكبير ودفن فيها. وأبدى المسلمون أسفهم الشديد لذلك. وقد خلف من الذرية بعد مماته