الدراسة. ولما هدأت الأحوال وأمن الله عزَّ وجلَّ أهل نجد بولاية الملك عبد العزيز لم يلبث والده أن توفي فانتقل المترجم إلى مدينة بريدة حيث أخذ يطلب العلم ويدرس القرآن على الشيخ عمر بن محمد بن سليم، وأخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم ولازمهما في تعلم التوحيد والفقه والحديث واللغة والنحو والفرائض وغيرها من سائر العلوم، وما زال يدأب في الطلب حتى بلغ الغاية القصوى في ذلك. وكان الشيخ عمر يستخلفه في القضاء في حال غيابه. أمَّا الوظائف التي نالها فقد جعل في هجرة تسفي وجعل في قرية الجعلة إمامًا وخطيبًا ومرشدًا ويحل مشاكلها. ولمَّا أن توفي قاضي عنيزة عبد الله بن محمد بن نافع سنة ١٣٦٠ هـ ولاه الملك عبد العزيز قضاء عنيزة ولكنه لم تدل إقامته فيها لخلاف حصل بينهم، فقد أعفي من قضائها في منتصف شعبان من العام المقبل بحيث رجع إلى بريدة. والباعث لذلك أنَّه أراد أن يقيم جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمر بتفقد الجماعات في صلاة الفجر وسلك طريقة الحزْم من دون حكمة فتوترت العلاقات وكثرت الشكايات ضده. وبعدما قدمت لجنة من الرياض للنظر في الموضوع طلب الإِعفاء من تلك الوظيفة، وذلك لائه كان صريحًا قويًّا. وقد أسف لفراقه رجال من الأهالي. ثم أنَّه لما توفي الشيخ القاضي عمر بن محمد بن سليم طلب كبراء مدينة بريدة من الملك عبد العزيز أن يولى قضاء القصيم فجاءت الموافقة على ذلك وباشر مهمته في ١٨/ ٤ عام ١٣٦٣ هـ وشغل هذه الوظيفة واستمرَّ إلى شهر رمضان من السنة المذكورة أي أربعة أشهر و ١٥ يومًا تقريبًا حيث عزل عن القضاء وجعل مكانه الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد. فاختار لنفسه العافية وأن يكون معتزلًا ليقضي بقية حياته في إمامة مسجده بجوار بيته. وكان صريحًا في الحق لا يخشى ملامة لائم مع قوة وقلة مداراة وذا هيبة لأنَّ له شخصية بارزة. وقد لا تكفي القوة وحدها في بعض الأحيان لإِدراك المقصود. وكانت هذه الخصال هي السبب