الأمة جادة كل في تسليك منزله وكانت فرصة للعمال الأجانب الذين انتهزوا هذه الفرصة. أمَّا الذين يجلبون المعدات من أسلاك وقسامات وأكواع وطبلونات وأفياش وطفايات فهي فرصة أيضًا. وجلبت إلى القصيم لأول مرة أنواع الثريات والنجفات والمكيفات والثلاجات، وقام المهندسون يدأبون في مواصلة الأعمال. ولمَّا أن كان في أوائل شهر ذي القعدة عام ١٣٨١ هـ لمعت أنوار الكهرباء في مدينة بريدة واستصبح النَّاس بها في الأسواق والشوارع والبيوت ورؤوس المنائر واستخدمت مكبرات الصوت للخطب والأذان. وقد لعب تجار الكهرباء وذوو التوريدات دورًا في ذلك وأصبحت المدينة تتمتع بضياء في الليل كضياء النهار واستوت المساجد والبيوت في هذه المصلحة كما استخدمت المراوح والبرادات والغسالات والدفاءات ومكبرات الصوت في النوادي والاحتفالات وجلبت الديموات لرفع الماء من الآبار ومن أسفل إلى علو، وخطت مدينة بريدة بذلك خطوات تقدمية. وبهذا تصبح مكائن الخياطة لا تحركها الجوارح بل يحركها التيار الكهربائي كما كان صالحًا لتشغيل المذياع وغيره فتكون الأفياش قابلة لأن تخرج البرودة والحرارة وتشغيل كل آلة تتصل بها من مخض الألبان وطحن البن والبهارات وأصبحت الكهرباء من ضروريات الحياة بحيث إذا انطفأت الكهرباء فإنَّها تتوقف المصالح. وقد سبق استخدام الكهرباء بمدينة الرياض والمنطقة الشرقية والحجاز في مكة المكرمة والمدينة المنورة وانتشر في سائر الجزيرة لوقت قريب. فقد رأيت في عام ١٣٥٢ هـ في مكة المكرمة رحى يدوَّر بها حمار قد حزمت عيناه بخرقة وهو يحرك تلك الرحى لطحن القمح وإخراج الدقيق لأنَّه لم يكن إذ ذاك فيها، وهي المتقدمة في الحضارة، شيء من هذه المستحدثات. فما كان إلَّا عشية أو ضحاها حتَّى جلبت هذه المستحدثات التي وفرت للأمة راحتها. والله على كل شيء قدير وكانت السيارات قبل ذلك الوقت بسبع سنين لا يركبها إلَّا الملوك والأمراء