للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجع عبد الله بن الإمام قافلا ظافرًا إلى الرياض، وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم، وركب معه عبد الله بن يحيى آل سليم أمير عنزية ويحيى الصالح إلى الرياض ولما أن قدما على الإمام فيصل وجلسا بين يديه طلبا منه العفو والصفح، وعاهداه على السمع والطاعة فعفا عنهما وسامحهما، رحمه الله وعفا عنه ذلك لما قام به من العدل والرأفة بالرعية والشفقة على المسلمين لأنه كان إمامًا عادلًا مباركًا ميمونًا صفوحًا عن الجاني، وأقاما عنده في الرياض مدة أيام، ثم إنه كساهما وأعطاهما عطاءً جزيلًا وأذن لهما بالرجوع إلى بلدهما.

ولما وقع الصلح بين الإمام وبين أهل عنيزة استعمل الإمام فيصل بن أحمد السديري أميرًا على بريدة بل على سائر القصيم، وكان قبل ذلك أميرًا على الإحساء كما تقدم، وكان من أفذاذ الرجال رأيًا وشجاعةً وكرمًا، فقدم على بريدة ومعه عدة رجال من خدمه من أهل الرياض ونزل في قصرها المعروف وصلحت الأمور وانحسمت الشرور.

فقال الشيخ العالم العلامة أحمد بن علي بن مشرف هذه القصيدة لما فتح الله عنيزة على يد ابن الإمام عبد الله بن فيصل سنة ١٢٧٩ هـ:

سبحان من عقد الأمور وحلها ... وأعز شرعة أحمد وأجلها

وقضى على فئة عتت عن أمره ... بهوانه فأهانها وأذلها

كفرت بأنعم ربها فأذاقها ... بأس الحروب فلا أقول لعلها

وحمى سياسة ملكنا بمهذب ... وآل إذا ربت الحوادث فلها

بالعزم والرأي السديد وإنما ... فيه الأناءة ذو الجلال أحلها

يدعو مخالفه إلى نهج الهدى ... فإذا أبى شهر السيوف وسلها

فسقى وروى أرضهم بدمائهم ... قتلًا وأنهلها بذاك وعلها

في كل ملحمة تعيش نسورها ... منها وترتاد السباع محلها

رجفت عنيزة هيبةً من جيشه ... لما غشى حيطانها وأظلها

فعصت غواة أوردوها للردى ... وأمير سوءٍ قادها فأضلها