أَبواب الجزيرة العربية ليسيطر عليها والانطلاق منها إلى سهول دجلة والفرات. ولمَّا رأت أمريكا سوء نواياه ذكرته ما أبداه أمامها أولًا وأنَّه سيسحب قواته من اليمن بعد اعتراف أمريكا بالسلال، وقامت بدور الوسيط لإِحلال السلام، فأرسل الرئيس كينيدي المستر بانكر إلى القاهرة يلح على عبد الناصر بوجوب سحب قواته من اليمن حيث وجودها فيه يهد أمن المنطقة ويؤخر كل حركة إصلاحية وعمرانية فيها. فتظاهر بالقبول وهو بخلاف ذلك. ولمَّا أن قدمت الدبابات والمصفحات والطائرات والقوات إلى اليمن التي كانت ٢٥٠٠٠ جندي تدعمهم الطائرات الحربية و ١٧٠ دبابة و ٣٥٠ مصفحة و ٢٥٥٠ سيارة لوري و ٥٠٠ سيارة جيب أحدثت تقتيلًا وتخريبًا وتشريدًا. وبعد وساطة أمريكا بعث أضعاف هذه القوات فثار شعب اليمن لما رأى تلك المشاهد الرهيبة وجثث الضحايا البريئة وأخد يبحث عن وسيلة المقاومة للقوات المصرية التي تدفقت على بلاده وأخذت تصب حمم نيران مدافعها وطائراتها على المدن والقرى الآهلة بالسكان وجرت بسالة من الشعب اليمنى ضد الغزاة. ولولا دعم سلاح الطيران والغارات الجوية التي تشن على المجاهدين دون انقطاع لكانت القوات المصرية قد انتهى أمرها واستسلم من بقي منها على قيد الحياة (١) واستمرت الأحوال هائجة مائجة بحيث امتدَّ القتال بين الفريقين.
وفيها شبَّ حريق في الساعة السادسة والربع من ظهر يوم الخميس ٢٤/ ٢ في خيام وأكواخ كانت مجالس وملاجئ للبيع في الموضع الكائن في الناحية الغربية الجنوبية من الفسحة التي جعلت متسعًا بعد ما هدم قصر مدينة بريدة القديم وكانت النَّار ملتهبة فظيعة في زمجرتها والرياح تصفر في لهيبها
(١) أخذ ذلك عن كتاب الصراع الدامي في اليمن للدكتور إبراهيم الشريقي ببعض المعنى.