ولما كان يوم الأربعاء الموافق لعاشر ذي القعدة، أمر السلطان عبد العزيز خان بتجديد سقف المقامات لأنها خربت حتى تكسر بعض خشب مقام الحنفي، فبدأوا بتصليحه مقدمًا على بقيتها، ثم بمقام الحنبلي، ثم مقام المالكي، ثم مقام إبراهيم وزادوا في ارتفاع قبته.
وكان أول من وضع هذه المقامات بعض ملوك الجراكسة وإلا فما كان لها أصل من كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، عدى مقام إبراهيم فإنه صخرة فيها آثار قدميه لما كان يبني الكعبة، ولا تزال آثار قدميه إلى اليوم هذا تشاهد، غير أن أهل الجاهلية جعلت تمسح هذه الصخرة حتى ذهبت آثار الأصابع ثم جعل عليها حجرة ورفع سقفها، أما هذه المقامات المبتدعة المشار إليها فهي أربعة مقام الحنبلي وهو الواقع في الجهة الجنوبية مقابل لما بين الركن اليماني والحجر الأسود، ومقام الشافعي، وهو مرادف لمقام إبراهيم من جهة الشرق مما يلي بابه، ومقام الحنفي وهو واقع في الجهة الشمالية حذاء الميزاب والحطيم، وقد فاق على بقيتها في الكبر والحسن وجعل له سطح ودرج، ويصلي فيه عدد من المأمومين وفيه مصاحف وهو موضع المنبه في الوقت الحاضر.
أما مقام المالكي فيقع في الجهة الغربية وهو على صفة وضع مقام الحنبلي، وكلها على ضفة حاشية المطاف.
وفيها أعني هذه السنة توفى تركي بن حميد من شيوخ عتيبة.
وفيها حصل اختلاف بين أهل بريدة وبين أميرهم سليمان الرشيد أبو عليان، وكثرت الشكايات على الإمام ضده، فعزله الإمام فيصل وجعل مكانه أميرًا على بريدة مهنا الصالح أبا الخيل، وكان هذا هو أبا الخيل المشهور، ومهنا كان تاجرًا كبير القدر رفيع الذكر، وقد أشار عليه بعض أحبابه أن لا يتولى الإمارة ويكفيه سمو مقامه وعلو قدره، ويكون يعيش في نعمته، فما أصغى لناصح، وإنما أشير عليه بتركها خوفًا عليه من القتل، فإن آل أبي عليان لا يتركون الإمارة لغيرهم ففي هذه السنة كانت إمارته في بريدة.