أماكن بعيدة جدًّا في الصحراء الغربية حيث لا ماء ولا طعام لكي يموتوا جوعًا وعطشًا (١) قالت الناشرة لهذه الأوضاع ولقد شاء الله لي أن أقابل بعض هؤلاء والذين أفرج عنهم في عام (١٩٦٣ م) فرأيت آثار التعذيب الوحشي على أجسامهم فأحدهم وهو مدرس لغة عربية بإحدى المدارس الثانوية رأيت أثر الكسر في أذنه من جراء وضع السيخ المحمي من الحديد فيها وآثار أخرى على ظهره من أثر الكي بالحديد المحمي وآخر رأيته وقد تشوه ظهره من آثار نهش الكلاب وآخرون كثيرون عذبوهم وأصيبوا بعاهات مستديمة هذا بعض مما روته الرواة الذين شاهدوا تلك المخازي ونحن نذكر قصَّة عن رئيس زبانية عبد الناصر وهو حمزة البسيوني أنَّه لما دفع إليه أحد الأخوان المسلمين للتعذيب فأمر برفعه بقدر متر عن الأرض وأوقد النَّار لشيِّه، قال المعذب: يا الله يا رب، يستغيث بالله، فقال المجرم استهتارًا بالله وتحديًا له: أقسم بحياته لو أن الرب نزل من فوق سبع سماوات لسجنته في زنزانة ١٤.
وفي رواية أنَّه قال: أقسم بشرفي وحياتي لو أن الله نزل من فوق سبع سماوات لسجنته سجنًا اضطراريًّا فقدِّر أنَّه انقلبت به سيارته فدخل الحديد في رقبته وذهبوا به إلى مستشفيات مصر لكنها رفضت علاجه فهلك ثم غسلوه وكفنوه وذهبوا به إلى أحد المساجد للصلاة عليه فلما حمل نعشه وأرادوا أن يدخلوه في المسجد امتنع المسجد من قبوله وعجزوا عن الدخول به في المسجد فوضعوه في الشارع للصلاة عليه هذه قصَّة أقسم رواتها بالله العظيم أنَّها معلومة مشهودة. أما خارج السجون فكان يرسل باستمرار بعملاء مدربين من النساء والرجال لأهالي المسجونين لإقناعهم وإرغامهم بالتخلي عن ذويهم وتوجيه الإهانات لهم وللزوجات بطلب الطلاق من أزواجهن، وللأسف قد نجحوا إلى حد ما ولكن بعضًا من الأسر عرفت مكرهم ورفضت ألاعيبهم مما حدى بعبد الناصر إلى أن يأمر بالاستيلاء على كل ما لدى هذه الأسر وطردهم من مساكنهم وتركهم بدون مأوى وطعام وعدم مد يد
(١) نشرت ذلك جريدة القدوة عن إحدى المرزوآت وهي إصلاح سهيل.