به ولأنَّه يكون أحنى على الفقراء والمساكين ورغم اشتغال المترجم بذلك فإنَّه لم يمنعه ذلك عن طلب العلم ومزاحمة الطلاب في حلق الذكر وكان وجيهًا لدى الملك عبد العزيز وكثيرًا ما يقبل شفاعته ويحترمه وكان ذا أخلاق زكية ومناقب عليه يحب أهل الدين والصلاح ويميل إليهم ويؤثر عدم الخلطة ولقد اجتمعت به قبل وفاته بثلاث سنين لأسأله عن شيء من التَّاريخ في بيته الكائن في الرياض فوجدته مربوع القامة رزين العقل متواضعًا قد تأثرت قواه ونحل جسمه فأطلعني على تاريخ عظيم يظهر لي أنَّه من وضع الشَّيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى مؤرخ نجد وكان مجلدًا خطيًّا كبير الحجم عظيم النفع لم أره عند أحد سواه ولكنه لم يحرص على أن يطلع عليه كل أحد وحدد لي أن أطلع عليه ثلاثة أيَّام لا أقل ولا أكثر فتناولته مع الشكر وكنت أجلس في المسجد الذي إلى جانبه وأنقل من دُرره مغتنمًا الوقت القصير ورددته على شرطه جزاه الله خيرًا، وقد استفدتُ منه وقد حدثني الشَّيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي عن وجود هذا التَّاريخ أو هداني إليه حتَّى منّ الله بالاطلاع عليه بعد ما أقسم بالله على عدم استطاعته على أن يسلمه بيدي فشكر الله المترجم وأسبل عليه من وابل كرامته.
وممن توفي فيها من الأعيان الشَّيخ أبو حبيب رحمه الله وتجاوز عنه وهذه ترجمته: هو الشَّيخ العالم العامل السلفي عبد العزيز بن محمَّد بن عبد العزيز بن إبراهيم الشتري أبو ناصر من قبيلة بني تميم، ولد رحمه الله في حوطة بني تميم (١٣٠٣ هـ) وتلقى العلم عن عدة مشائخ فمن أخذ عنه الشَّيخ سعد بن حمد بن عتيق وأخذ عن الشَّيخ عبد الله بن راشد بن جلعود وأخذ عن الشَّيخ عبد الله بن حسن واشترك في عدة غزوات مع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود كان فيها المجاهد بسيفه ولسانه ثم أن ولي القضاء لدى قحطان في الرين عام (١٣٣٦ هـ) فكان إلى جانب عمله في القضاء مرشدًا لهم ومدرسًا لحلقة من الطلاب تضم مجموعة كبيرة من الطلبة وكان قويًّا في دين الله في أمره ونهيه وله إقدام وشهامة