توقعه في أمور صعبة ولا تأخذه في الله لومة لائم ولديه نشاط في الدعوة إلى الله تعالى، وقد مكث في الرين لدى قبيلة قحطان ستًّا وثلاثين سنة قاضيًا ومصلحًا ومرشدًا ومفتيًا ولطول المدة التي مكثها بين البادية فإنَّه تأثر بأخلاقهم في التقشف وخشونة العيش والكلام والهيئة واللباس سوى أنَّه كان لا يعتم بالعمامة وفيه جراءة وقلة مداراة وعدم تؤدة غالبًا والله يغفر له لأنَّها عنصر أهل الحوطة الذين تفوقوا بالشدة لذلك فإنَّه يظهر دينه في مخاطباته للملوك والأمراء والأمة ولا يداري أحدًا كائنًا من كان مع قوة وشجاعة عديمة النظير وكانت الأمراء والرؤساء لما يعرفون من حسن نيته يتحملون منه ويغتفرون ما قد يصدر منه لغيرته الدينية وفي عام (١٣٧٢ هـ) نقل إلى الرياض للتدريس وذلك لرغبته منه لأنَّها كلت قواه فجعل مدرسًا في معهد إمام الدعوة وفي المساجد بعد الظهر والعصر والمغرب وقام بطبع كتب نفيسة منها الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشَّيطان لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ومختصر شعب الإيمان، وألف رسائل مختصرة وطبعها على حسابه الخاص في معرفة ثلاثة الأصول والتوحيد وأبدى عذره في تأليفها، ولقد وافيته مرَّة بمنى في أحد أيَّام التشريق فبينما هو جالس إذ دخل عليه أمير من أمراء البادية وكان شابًّا ضخمًا فسلم عليه ثم جلس أمامه يقلب سبحته وكان إلى جانب ذلك متكبرًا فاغتفله الشَّيخ وأخذ بالسبحة ورمى بها خارج الخيمة في الشارع بشدة وقال بعدما انتهره والله إن أباك رجل طيب كأنه لا يرضى له بالسبحة فخجل الرجل وسكت وبينما هو نائم بعد صلاة الظهر في الحرم المكيِّ الشريف في الجهة الجنوبية في يوم شديد الحر من شهر رمضان المبارك إذ أقبل أفراد الشرطة ينبهون النوام في أروقة المسجد الحرام فاستوى جالسًا وقال لم توقظون هؤلاء الصوام فإنَّه لا بأس في النوم في المساجد فقد أقره رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - ورخص فيه فأجاب الجندي بأن الضابط بعثه لذلك فقال له إن كنت لا تعرف إلَّا الضابط فإني أعرف إمام المسلمين سعود بن عبد العزيز وأعرف ولي عهده ثم ألقى بوسادته الكبيرة على الأرض ونام هو ومن