قال كنت أختال إذا لم يكن في الخزائن شيء وأستسلف من التجار فدعى بي مرة وقال يا شلهوب هذا ابن عائض تدم من الجنوب وهو من الأعيان ولا أقل من مائتي جنيه ذهبًا فاعتذرت بأنها غير موجودة يا طويل العمر، فقال يا شلهوب التفت يمنة ويسرة لعل الله أن يأتي برزق من هنا أو هناك، قال: فأخذت صندوقًا من الخشب وملأته حصًا وذهبت به إلى غني في الرياض وقلت له نريد مائتي جنيه وهذه خمسة آلاف من الجنيهات في هذا الصندوق إننا نخشى فتحه فكل نجل من الأنجال والأقرباء يستشرف لحقه فتذهب جميعًا فنرجو سلفة مايتين وترهن الصندوق فناولنيها وأدخل الصندوق في مخزنه وبعد مضي ثلاثة شهور جئته بها وأخذت الصندوق وما علم بما فيه، ولقد دخلتُ عليه مرة بعد العصر وقد أرخى الشماغ على وجهه وهو يتلو القرآن من الصحف ويبكي فسألته عن ذلك البكاء فقال يا شلهوب إن الوالدة سألتني خرجية قليلة وليست عندي فالتفت يمنة وشمرة يا شلهوب فعملت حيلة حتى حصلت عليها كما أن المكافآت التي تصرف لطلاب العلم يتولى صرفها وقد يتأخر الصرف فيقفون للملك ويشكون عليه فيأمرهم أن يراجعوا شلهوب.
وفيها في سابع ذي القعدة أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز أمره السامي بتشكيل لجنة ثلاثية لدراسة أوضاع السيول في المنطقة الغربية والجنوبية فقامت اللجنة تباشر مهمتها في جدة ومكة لأنها هطلت يوم الأربعاء الموافق ٤ ذي القعدة من هذه السنة أمطار وسيول جارفة لم تشهد لها مثيلًا منذ ثلاثين عامًا استمر هطول الأمطار أكثر من ثلاث ساعات ونصف متواصلة داهمت السيول جميع الشوارع والطرق وغمرتها بالمياه وقد شلت حركة السير في الشوارع وانصرف الطلاب وموظفو المصالح والمؤسسات والدوائر إلى منازلهم وخلت الشوارع من المارة بعدما كانت مياه السيول تتدفق بغزارة من شرقي مدينة جدة وقد تهدمت بعض الدور القديمة وارتفع منسوب مياه السيول في الشوارع فجأة مما تعذر معه السير ولا تزال مياه السيول راكدة في بعض المناطق وقام أمير مكة الكرمة مشعل بن عبد العزيز حفظه الله بالإشراف شخصيًا على أعمال الإنقاذ في شوارع مكة والطريق إلى جدة