فظلت مكانته عالية لدى الذين يعظمونه حتى جاءت الضربات القاصمة التي أصابت مصر والعالم العربي في حرب الأيام الستة عام (١٩٦٧ م) وأدرك الرئيس جمال عبد الناصر أن شعبه كان ينتظر نتيجة غير هذه للحرب فقدم استقالته من الرئاسة ولكنه عاد فسحب استقالته تحت تأثير الضغط الشعبي ومنذ عام (١٩٦٧ م) كرس كل جهوده للمشاكل الناشئة عن الحرب فأعاد تكوين وبناء القوات المسلحة بمساعدة الروس استعدادًا لاحتمال وقوع حرب أخرى، ولكنه في نفس الوقت التزم بالسعي إلى حل سياسي إذا كان هذا ممكنًا وظل على موقفه هذا وهو يواجه شتى المشاكل الناشئة عنه نظرًا لأن الفدائيين الفلسطينيين ومؤيديهم يعارضون أي حل من هذا النوع ولما أن ودّع زعماء العرب القادمين إلى مصر لحل هذا النزاع بين الفدائيين والأردنيين وسار ممتطيًا سيارته أصيب بنزيف شديد في الأنف أعقبه ضعف شديد وبعدما وصل إلى قصره دعي له الأطباء وبعد إجراء الفحص رأت الأطباء أن أحد الشرايين للقلب قد أصيب بسدد، وحينما أرادوا أن يعملوا له عملية توفى قبل العملية وكانت وفاته في وقت صلاة العصر من يوم الاثنين ٢٨/ ٧ من هذه السنة فقامت إذاعات مصر تظهر الحداد وأخذت في تلاوة القرآن وهجرت جميع برامجها فأذيعت وفاته في الساعة الرابعة ليلًا وقامت غالب حكومات العرب وغير العرب تعلن الحداد عليه فقد أعلنت مصر الحداد لأربعين يومًا هاجرة الزينات والحفلات وأغلقت الدوائر وعطلت الأمة ثلاثة أيام حتى يشيع جثمانه يوم الخميس وأعلن الحداد عليه في الكويت أربعين يومًا وكذا في السودان وسوريا ولبنان هذا وما أن سمع العالم العربي بنبأ وفاة الفقيد العربي الكبير كذا تعبر عنه إنجلترا حتى أخذت الأنباء تتوالى عن وقع هذا النبأ في النفوس وأذاعت القاهرة أنها مدينة حزينة اليوم وفي حداد عميق على وفاة الرئيس جمال عبد الناصر واحتشد آلاف المصريين حول أسوار العالية للقصر الجمهوري بالقبة حيث يسجى جثمان الرئيس الراحل بأن تصدق أنباء وفاة زعيمه وقام الأهالي يصرخون بأصوات عالية (خذونا إليه خذونا إليه) وصار آلاف السكان بالقاهرة يهتفون بالأسواق (لا إله إلا