والكهوف ينتابه الأهالي للفرجة والنزهة ويتجولون هناك في مغاراته لسعته ولا فيه من المواضع الباردة بين جنبتي ذلك الجبل المنشق الذي لطول منحياته لا يكاد يبصر الإنسان فيه إلا بنور في سادسة النهار وذلك لطول الجبل الذي يبلغ ارتفاعه قريبًا من سبعين مترًا وكان من أعجب ما رأيته فيه كثرة العوائل الذين لسعته لا يرى بعضهم بعضًا وتجدهم في تعب من الصغار لأن لا يضيعوا أو يتواصون بالذراري لكثرة منحنياته وفجاجه! ! إن مدينة الإحساء برية واسعة الأرجاء وفي تلك المنطقة عيون كثيرة عظيمة منها عين نجم التي هدم قبتها الإمام فيصل بن تركي وكان ينتابها من بلي بوجع المفاصل والروماتيزم فيغتسلون فيها وقد تكون علاجًا لما في مائها من الحرارة والمادة المفيدة الكبريتية وكان من الجهال من يعتقد الشفاء فيها وإنما الشفاء من الله جل ذكره، وللشيخ أحمد بن علي بن مشرف قصيدة في ذم ذلك وامتدح الإمام فيصلًا بهدم قبتها بقوله من قصيدة أخرى:
إذ قام يحمي من الدين جانبه ... وما أصاخ لأهل الزور والمين
لكن أطاع هداة المسلمين بما ... أفتوا وسل حسامًا ذا غرارين
فقام يعدو بلال وهو معتجر ... لحرب من لامه فيها ببردين
وسار في عصبة للهدم عامدة ... بآله الهدم والتخريب والحين
فغادروها كبنيان الذين بنوا ... على شفا جرف للشك والرين
ومنها عين أم سبعة سميت بذلك لأن ماءها يجري في سبعة أنهار من منبعها وقد دفنت الرمال واحدًا منها وماؤها في غاية الصفا والعذوبة وهي غزيرة الماء وهناك عيون أخرى كثيرة كعين الخدود ويقدر الخبراء الماء الخارج منها في الدقيقة الواحدة بثلاثين ألف جالون، ومن أعجب ما رأيت في الإحساء مسجد جواثي بضم الجيم وفتح الواو بعدها ثاء مثلثة يمد ويقصر مدينة لعبد القيس بهجر كثيرة الزروع والنخيل، قال أبو تمام:
زالت بعينيك الحمول كأنها ... نخل مواقر من نخيل جواثي