وأخلى القرى من كل شرك وبدعة ... وما زال ينهى عن ركوب المحارم
ويعطي جزيل المال محتقرًا له ... سماحًا ويعفو عن كثير الجرائم
مناقب جوده قد حواها جبلة ... فحاز الثنا من عربها والأعاجم
تغمده المولى الكريم برحمةٍ ... وأسكنه الفردوس مع كل ناعم
فلا جزع مما قضى الله فاصطبر ... وإلا ستسلو مثل سلو البهائم
فلما تولى خلف الملك بعده ... لنجل خليق بالإمامة حازم
يقام بعون الله بالأمر سائسًا ... رعيته مستيقظًا غير نائم
فتابع أهل العدل في كف كفه ... عن إن المكس شر المظالم
وشابه في الأخلاق والده الذي ... فشا دكره بالخير بين العوالم
وقرب أهل الفضل والعلم والنهى ... وجانب أتباع الهوى غير نادم
ومن يستشر في أمره كل ناصحٍ ... لبيب يكن فيما جرى غير نادم
على يده جلّ الفتوح تتابعت ... فساوى القرى في الأمن مرعى السوائم
وأسلمت الأعراب كرها وجانبوا ... حضورًا لدى الطاغوت عند التحاكم
فذكرنا عبد العزيز وشيخه ... وما كان في تلك الليالي القوادم
فلا زال منصور اللواء مؤيدًا ... على كل باغٍ معتدٍ ومخاصم
فدونك أبياتًا حوت كل مدحةٍ ... فأضحت كمل الدر في سلك ناظم
ونهدي صلاة الله خالقًا على ... نبي عظيم القدر للرسل خاتم
محمد الهادي وأصحابه الأولى ... حموا دينه بالمرهفات الصوارم
صلاة وتسليمًا يدومان ماسرًا ... نسيم الصبا وأنهل صوب الغمائم
كان له من الأولاد أربعة، وهم: عبد الله ومحمد وسعود وعبد الرحمن.
فأما عبد الله فهو ولي عهده وبايعه الناس على السمع والطاعة بعد أبيه، وتولى الملك فضبط الأمور وساس الرعية وسار سيرة جميلة، ونشر العدل وكان شجاعًا مهابًا، وافر العقل حكيمًا جوادًا ذا حزم ودهاء، ولكن أيامه منغصة عليه مكدرة من كثرة المخالفين، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.