موائده مثل الربيع لممحل ... وتشبع أصناف الطيور ملاحمه
إذا بعث الجيش اللهام إلى العدى ... تلته سراحين الفلا وحوائمه
فأطعمها مما تنال رماحه ... لحومًا وحظ الجيش منه غنائمه
يجاهد بالقرآن من زاغ واعتدى ... فإن هم أبوا أسلت عليهم صوارمه
فغادر قتلى يعصب الطير حولها ... وترتادها عقبانه وقشاعمه
ولولاه في هذا الزمان لما بدت ... من الدين في حل الديار معالمه
ولا أمنت طرق الحجيج ولا انتهى ... عن الظلم للمظلوم بالسيف ظالمه
ولكن أخاف المفسدين فسالموا ... وسفك الدما بالحق للدم عاصمه
ومن يجتمع فيه الشجاعة والندا ... يقر له بالفضل من لا يسالمه
ألا إنه إنسان عين زمانه ... تناوم عنه الدهر أو هب نائمه
مفاخره شمس يراها حسوده ... فما باله لم يبد ما هو كاتمه
فأنشده بيتًا قاله بعض من مضى ... وما حاد عن بيت القصيدة ناظمه
إذا ظفرت منك العيون بنظره ... أثاب لها معي المطي ورازمه
فلا النظم يحوى مدحه إن مدحته ... ولا الطرس توعي كلما أنا راقمه
ولكني أهدي له صالح الدعاء ... ومدحًا كمثل المسك إن فضى خاتمه
ولما توفاه الله تعالى في هذه السنة رثاه الآدباء والعلماء بمراثي حسان، ونورد هنا مرثاة الشيخ أحمد بن علي بن مشرف التي رثاه بها لما فجعت القلوب بفقده ونكبت الأمة بمصيبته رحمه الله وجعل الجنة متقلبه ومثواه:
على فيصل بحر الندى والمكارم ... بكينا بدمع مثل صوب الغمائم
إمام نفى أهل الضلالة والخنا ... بسمر القنا والمرهفات الصوارم
فكم فل من جمع لهم جاء صائلًا ... وأفنى رؤسا منهم في الملاحم
يجر عليه جحفلًا بعد جحفل ... ويرميهم في حربه بالقواصم
فما زال هذا دأبه في جهادهم ... تغير بنجد خيله والتهائم
إلى أن أقيم الدين في كل قرية ... وأصبح عرش الملك عالي الدعائم