للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الماء إلى ظهر الأرض إلى حال وضع التاريخ ويأتون بالبكرات المعمولة من الخشب الثمين على ما تقتضيه إرادة النجارين من كبرها وضخامتها وما تكلف من القيم الباهظة ويكون من أسفل هذه بكرات أخرى يطلق عليها الدراج مصنوعة أيضًا من الخشب الغليظ لا تتكلف هندسة إنما غرضها أن تكون قطعة من الخشب قطر دائرتها ٧٠ سنتمترًا وطولها كذلك في كلا طرفيها محور من حديد ويكون للبئر أربعة قرون يمد عليها أخشاب تحمل البكرات مرتفعة وهنا أعمدة بين البكرات ليتسنى للغرب أن يخرج من بينها ولا تتحمل واجهة المبخات الذي طوله ذهابًا وإيابًا بقدر قعر القليب عن أربعة دلاء كل غرب من جلود الإبل قد يتكلف كمه وقبته وخرازته بقيمة باهظة فيكون في أعلاه الرشا في البكرة العالية وفي أسفله الكم وهو السريح للدراجة السفلى ويؤتى بالجمال القوية للساقية ثم يؤتى بالعامل الذي يسوق الجمال مقبلة ومدبرة يسوقها برفق إذا هي نزعت الماء وتارة بعنف إذا هي رجعت إلى البئر وحوالي البئر قد وكلوا من يحزم لقمات البرسيم والتبن ليقف الجمل ريثما يمتلئ الغرب وهكذا ويكن العامل محترمًا يطعمونه مما يأكلون ويسقونه مما يشربون خشية أن ينتقم منهم بأذى يصيب الجمال فتهلك وبينما هم في برهة من الزمن إذا بالأخطار تهدد باندفاع الرمال من أسفل البئر فتدفن الماء فيأتون لذلك بجذوع النخل أو بأخشاب غلاظ وتجعل كدائرة على أسفلها أو مربعة إن كان الوضع كذلك ثم يؤتى بأشجار الأشنان على ظهور الحمر من البر فتوضع فيما بين تلك الجذوع لتحفظ الرمال أن تنهد ويأخذون في احتفار قاعة البئر وقد تفور البئر من كثرة ما ينهد من أسفلها فتسقط وتأخذ مساحة من الأرض فتصبح هاوية ويخسرون ما وضعوا فيها من الأحجار ولا يتخلص من تلك الهاوية إلا بردمها ودفنها ولقد خرجت مرة في صحبة والدنا رحمه الله وعمري إذ ذاك لا يتجاوز العاشرة لزيارة مدين لنا وقبض دين السلم من التمور فركبنا حمرًا وسرنا إلى تلك القرية التي أظنها القصيعة على مسافة ميلين غربًا، وكنا نسير بين تلك المرتفعات والمنخفضات من الرمال إذ كان الصعود مشقة والهبوط مشقة نمر بأشجار الإثل في