كان الطريق إلى مدائن صالح والعُلى والوجه وضبا ومدين يتطلب عناية لما في تلك الجهات والمفاوز وسلوكها من المشقة وقد يوجد فيها وحوش من النمور والذئاب وغيرها من الحيوانات المفترسة وأصحبنا باثنين من الخويا وهما خالد بن عماش بن سليمان الفقير العنزي وهو رئيس أحد المراكز هناك والآخر هو محمد بن ناصر نصر الله الحويطي رجل آتاه الله بسطة في الجسم والمعرفة فقام الرجلان بسلاحهما يحملان البنادق والمسدسات مزودين بالحزم ولا ننساها لصاحبنا محمد ناصر فقد كان جعفنًا بالحديد للحراسة والخدمة وما تدعو الضرورة إليه، أما خالد فهو الوكيل المقدم في تلك الرحلة وكنا قد قمنا بدراسة الموضوع قبل المسير وكان خالد يعد من أفذاذ الرجال في الصيد وكان خِرِّيتًا ماهرًا في الدلالة يحمل أم خمس القصيرة ومسدسين، أما ما كان عن السائق فهو المدعو سعد خالد الزيادي من أهالي الطائف ويمتاز بحسن القيادة ولا يتجاوز التسعين في سيره، وكان قد قام بمهمته في شأن السيارة التي أتحفنا بها أمير تبوك تويوتا ٧٢ مزودة بالماء الكافي والوقود والمحروقات وما تحمله على ظهرها من الأطعمة والأشربة وزاد السفر شكر الله للأمير {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}، ولما أن سرنا من تبوك سلكنا طريق الإسفلت حتى أخذنا عنه إلى الحجر مع خط غير معبد إذ ذاك والجأنا البيت إلى أرض فلاة والساعة تشير إلى السادسة والنصف بعد منتصف الليل حيث سمعنا نباح كلب فاستأنس الرفقة بصوته بحيث كنا على مسافة كيلو ونصف وبعد شروق الشمس قام الرفقة لإعداد طعام الإفطار ومواصلة السير بين تلك الجبال في أرض رملية كأن تلك الجبال قد هندست بممر الزمان يميل لونها إلى الصفرة نمر بالجهراء ثم عروة ثم بواء وكانت السيارة تسير في طرق ضيقة لا يكاد يهتدي بها إلا الدليل الماهر ويقول خالد هذه قيعان الصنيع وهذا السريط وهذه المزيلقات حتى وصلنا إلى طرق بين جبلين يسمى المضيق يزعمون أن ممر ناقة صالح معه ويقدر عرضه بتسعين مترًا وحافتاه يمنة ويسرة قد تملستا من جنبي الناقة التي تملؤه إذا مرت وما أشبه ذلك بخرافة يذكرون أن ذلك الطريق هو الذي عقرت فيه الناقة {إِذِ انْبَعَثَ