والأتعاب ومن سبر حالته وصبره وتمسكه بالدين فإنه يبكي لحالته والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا وقد قلت في هذه المناسبة:
هو العلم المشهور من فاق ذكره ... وكان لعمري أية في الفضائل
صبورًا على كرب الزمان ومره ... وينشر دين الله ليس بغافل
له قدم طولى لتبين واجب ... وكشف لثام المشكلات النوازل
يصول بقال الله قال رسوله ... مجدًا ولا يخشى ملامة عاذل
يغوص على مكنونها مخرجًا لها ... بحسن بيان مدركًا للمسائل
قضى عمره في خدمة العلم والنها ... وتحقيق برهان ودفع الأباطل
فيا عابد الرحمن عشت معززًا ... وفزت من الولى بأعلى المنازل
ألست الذي قد قمت لله جاهدًا ... بتقرير مسنون وكشف المشاكل
ليهنك ما ترجو من الله وحده ... وما الله عما تعملون بغافل
جمعت فتاوى تام فيها محقق ... إِمام جسور لا يميل لعاذل
كفانا بها عن مشكل البحث جهبذ ... وحبر نبيل ماهر في الدلائل
سقاه بتيار المعارف ربه ... فسبحان ربي مسديًا للفضائل
فأصبح مجموعًا للهداية كافيًا ... بترتيب نحرير كفى في المسائل
عليك سلام الله حيًّا وميتًا ... وغفران لرب العرش يا خير راحل
وبما أنه لقي مشقة في جمع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية من مظانها وكان قيدًا أوابدها حتى حصل عليها فإنه كابد المشاق أيضًا في استحصال فتاوى آل الشيخ وأئمة هذه الدعوة وترتيبها ولم يثن عزمه عدم مساعدة الظروف والصعوبات التي كابدها والأخطار التي واجهها، ولكنه ما وهن ولا استكان والله يحب الصابرين وأسر لي ثقة ببعض ما ناله في هذا السبيل وفي كلامه الحكمة إياك والسأمة فتقذفك الرجال خلف أعقابها فكان لا يعتريه ملل ولا كآبة وقد ساعده على ذلك حسن الخط وسرعة الكتابة وقد جعل تراجم لأولئك الأئمة المهديين في جزء من هذه المجموعة ولما أن أصيب بحادث انقلاب السيارة قبل وفاته بعشرين عامًا وأجريت له