نعم كان في شمالي المملكة رجال محنكون شذبتهم التجارب وخلقوا رجالًا للأمن وقال لنا استريحوا لما رأى ما بنا من تعاسة الحظ وسوء الحال، فلما كان بعد منتصف الليل جيء باللصوص وما استلبوه من المطايا وما بين أيديهم من الحلال فأحكم قيودهم بالحديد ثم سيرهم معنا تحت الحراسة وقال سلمهم لبو عبد الله.
فما كان وقت جلوسه في الضحى إلا ونحن وخصومنا ماثلون أمامه في مدينة حائل، فشققنا جيوبنا وصحنا تكفى يا أبو عبد الله تكفى يا ولد مساعد وأريناه مضارب الرصاص في أجسامنا وثيابنا وروينا له القصة فدعى بالعصا والخشب وضربهم حتى انقطعت أنفاسهم وسكتت حركاتهم فأمر بإبلهم فوسمت وسم الحكومة وقال لنا خذوا شيئكم ولا تجاوزوه فركبنا مطايانا وسرنا من عنده شاكرين فرحمة الله عليه.
هذا ابن مساعد الذي حزم شمالي الملكة حزم السلم وما كنت أظن أعداء الفضيلة وأصحاب الرذيلة من قطاع الطريق الذين يسعون في الأرض فسادًا والله لا يحب المفسدين تأمن الأمة منهم إلا بمثل ذلك الصنيع والقبض عليهم بأيدٍ من حديد ليستريح البررة ويستراح من الفجرة.
وكان الملك عبد العزيز يعتمد عليه اعتمادًا كبيرًا في رسم خطط جهاده ومعاركه ومجابهة خصومه، فكان عند حسن ظنه وله رأي ثاقب وشجاعة نادرة وقوس نصر يرمي به الملك عبد العزيز أعداءه وخصومه.
وعندما هاجم الملك قلعة الرياض كان في مقدمة المهاجمين رغم صغر سنة بحيث لا يملك إلا عصًا معقوفة من شجر السلم وخنجرًا أصيلًا وله دوره في فتح الرياض بحيث ألقي على قدمه حجر كبير أصاب أصابعه برضوض ولا زالت وسام شرف الوفاء والفداء.
وقد شارك الملك عبد العزيز في جل غزواته في البكيرية وقتل الصنديد عبد العزيز بن رشيد وواقعة جراب وواقعة كنزان كما شهد فتح الإحساء.