فسل عنه في التوحيد تهذيبه الذي ... غدا بين تيك الكتب كالكوكب الدر
وفي رده تشبيه كل مشبه ... من الملحدين المعتدين أولي الغدر
إذا مبطل يأتي بتزويق شبهةٍ ... جلاها كما يجلي دجى الليل بالفجر
ففي كل أقليم له الرد فانتهت ... تصانيفه في كل مصر وفي قصر
ولما طغى علج العراق بجهله ... وغرره من لفقوه من الهذر
رماه كما يرمي الرجيم بثاقب ... فراح ابن جرجيس على الذل والصغر
وباء ابن منصور بإرغام حجةٍ ... ودحض فولى بالبوار وبالخسر
وفي كل معنى وفر الله قسمه ... وفضل إله العرش يسمو على الحصر
فلو كان يفدي لافتدته نفوسنا ... بأرواحها لو كان ذلك من أمر
أو الأجل المحتوم يدفع برهة ... لزدناه من وقت به منتهى العمر
ولكن أطواق المنايا قلائد ... بأعتاقنا لا نفتديها من الأسر
لقد بان فيها النقص من بعد موته ... وموت أهل العلم قاصمة الظهر
فكانوا كسلك قد وهى من نظامه ... فلهفي على أهل النهي الجلة الطهر
فهذي علامات القيامة قد بدت ... ونقل خيار الناس من أعظم النذر
فنرجوا إله العالمين يثيبنا ... ويجبر منا ما تصدع من كسر
ويسكنهمو جنات عدنٍ مع الأولى ... سعوا في بيان الدين في العسر واليسر
وما مات من كان المبجل شيخنا ... خليفته عبد اللطيف بن ذي القدر
سمى رتبةً في العلم لم يتصل بها ... سواه ولم يبلغ سناها ذوو الصدر
فكانوا أحق الناس في قول من مضى ... إذا ما انتدى للقوم في محفل الذكر
إذا قال لم يترك مقالًا لقائلٍ ... مصيب ولم يثن اللسان على هجر
وأقلامه تجري على متن طرسه ... فتشفى أورام الصدر عن مغلق الحصر
وإن طالب يأتيه يبغي إفادةً ... أزاح له الإشكال بالسبر والخبر
وأنهله من بحره الجم نهلةً ... فراح بها يدري وقد كان لا يدري
فلا زال يولي الطالبين من الهدى ... ويمنح أهل العلم من سيبه الغمر