إذا رأيته أنَّه من الأسرة له عينان كأنهما لسانان شهباوان ويلبس أحسن الكسوة ويفضل الغترة على رأسه والمشلح الأسود تجلوه الابتسامة دائمًا، وكان متواضعًا جدًّا مع ما منحه الله من الرفعة.
وأقول إخلاصًا للتاريخ كأنه لم ير مثل نفسه ويتعاطى الأدب ونعود إلى مواقفه ومؤهلاته، فقد جاء متظلم إلى الشيخ محمد بن إبراهيم بصفته رئيس القضاة يشكو قاضيًا ويتظلم وأغلظ في التظلم، ويمكن أنَّه صادق فجعل الشيخ يسترجع ويقول كفانا الله شرَّك وما وسعه إلَّا أن كتب معه كتابًا إلى الإمام الأعظم فيصل بن عبد العزيز لينظر في مظلمته، فدعا جلالة الملك فيصل بالرجل وقال له اسمع بأني سأقيم لجنة مكونة من ديوان المظالم ومن رئاسة القضاء، ومن المالية فإن كنت مظلومًا فسأفصل القاضي فصلًا، وإن كُنْتَ كاذبًا فوالله لأؤدبن بك الجن والإنس، هل أنت قادم على ذلك فأجاب بأنه مستعد، فأقيم ثلاثة أعضاء من الرئاسة والمالية وديوان المظالم، وكان المترجم أحد الأعضاء يمثل ديوان المظالم، وكان ذلك ليلة الثاني العشر الأواخر من رمضان، وقد طلبت اللجنة تأجيل القضية إلى ما بعد رمضان لمشقة الصوم والقيام فصدر الأمر بأن يسيروا إلى مهمتهم في الوقت نفسه فلما قدموا مدينة بريدة مروا في طريقهم على مسجدنا وصلوا معنا التراويح وأخبروني أنهم جاءوا لهذه المهمة، ولما أن جلسوا لها وجدوا هذا البائس مظلومًا بعد التحقيق واستعراض المسألة فرأوا أن يصلحوا بينه وبين خصمه بقدر من المال ستة آلاف ريال تدفع للمظلوم وأن ينهوا المسألة خشية على القاضي فرضي الفريقان لأنها تثبت إدانة القاضي ورجعوا ثم كلموا صاحب الجلالة بإنهاء القضية، فقال أخبروني عن الواقع فقالوا لا نخبرك بل أنهينا المسألة وخلص المتظلم ففهم الملك فيصل وأمضى اقتراحهم بشرط أن المتظلم قد خلص من قضيته. وقام هذا القاضي مرة بالإنكار باليد على أناس من الجنود يشربون الدخان علنًا فاجتمعوا عليه بعد نزاع وضربوا القاضي فرفعت المسألة إلى أعتاب جلالة الملك