ومما يدمي الأكباد في هذه المجزرة أن وجد طفل رضيع ابن خمسة أشهر بعد ستة أيام من المذبحة حيًّا يرضع من صدر أمه الميتة دمًا.
وهكذا انتهت تلك المجازر الشنيعة التي تشمئز منها القلوب وتنكرها فطر العالمين.
وكان في اليوم ٢٢ من شباط أمر السفاح رفعت الأسد فنودي بمكبرات الصوت لإحضار جميع المشائخ ومؤذني المساجد وخدامها من المعتقلات في حماة، وكانوا حوالي ألف شيخ وسيقوا إلى مكان مجهول ولا يزال مصير هؤلاء مجهولًا، وأتي بمسيحي إلى العقيد علي ديب أحد قواد الوحدات الخاصة فلما قدم بين يديه قال له يا سيدي إنكم تبحثون عن الإخوان المسلمين وهو مسيحي فأجابه العقيد أن مسيحيي حماه كلهم إخوان مسلمون، وقد يرد على ذلك التصرف سؤال وهو هل كان شعب حماه كله مناوئًا للنظام فما ذنب الأطفال والشيوخ والنساء الذين لم يحملوا السلاح ولم يتدخلوا في الموضوع، وقد قال الله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى}(١)، ولكن كانت كلمة الإخوان المسلمين قد أصبحت تطلق على كل وطني شريف، ولقد قالت الحكومة السورية التي يرأسها حافظ الأسد بقتل الجرحى والأطباء.
وأصبحت مدينة حماه التي بلغ عدد سكانها مما يلي ثلاثمائة ألف مواطن على التحقيق لم يسلم منهم سوى أربعين ألفًا كتبت لهم النجاة ومنهم من فر إلى جهة من تلك الجهات وبذلوا ما بين أيديهم من حلي النساء لرصدة الطرق ليتركوهم يفرون.
ولما اتصل العقيد الطائفي بسيده الأسد وشكى إليه هذا القتل الجماعي للرجال لأنه سيضيع عليهم فرصة التحقيق لمعرفة المجاهدين فما كان منه إلا أن يتصل