ولو شئت لقلت لم أر في الأمراء مثله ومع ما يلاقيه من الشاكل والشكايات التي ترد عليه ومن تدابير أمر تلك المنطقة التي كانت من حدود المملكة شمالًا وغربًا إلى حدود المنطقة من الشرق والجنوب فإنه استطاع بمقدرته أن يؤمنها بتوفيق من الله سبحانه حتى أصبحت تلك الجبال والفلوات وما تحتوي عليه من المدن والقرى آمنة مطمئنة يسير الراكب فيها كأنما هو في صحن بيته وهو رحب الصدر ولا يغضب ولا يتأثر ويجاذب جليسه وأضيافه بحديث لا ينقطع ولا يمل وفيه مؤهلات.
ومما ورد عليه أنه أُتي برجل شاب عليه آثار العقل وهو في الثلاثين من عمره قد كبل بالحديد ومكشوف الرأس غير أن الله ابتلاه بشيء من بلاوي الزمان فقيل يا سعادة الأمير هذا السجين إننا منعناه مرتين عن أن يحرق نفسه بالنار نعم إنه متأثر مما وقع فيه بغواية الشيطان وكان لا يبدي شيئًا فسألنا الأمير عن جنايته فقال إنه انتهب زوجة جاره في الرياض وصلح وإياها وبعد القبض عليه قضت العدالة أن يسجن حتى يبت في شأنه وقد طلب أن ينقل من سجن الرياض إلى سجن تبوك لتسهل زيارة والدته له من قرب ثم سأل الأمير سليمان عن الحكم في تحريق نفسه فناصحناه وبينا له ما لقاتل نفسه من العقوبة الأخروية والدنيوية نسأل الله العافية فأمر بعرضه على المستشفى للنظر في عقله.
ولما أن قضت الإرادة الملكية إقامة سمو الأمير عبد المجيد في تبوك نقل بطلب منه إلى وظيفة مستشار في الداخلية لا يسدها سواه فنقل في عام (١٤٠٠ هـ) المتقدم وقد يقام بالنيابة كاحتياطي ليسد مقام أمير المنطقة كما قدم بريدة نائبًا عن صاحب السمو عبد الإله بن عبد العزيز لما سافر إلى أمريكا.
وقد منّ الله علينا برؤيته والاجتماع به في بيتنا بدعوة تكريمية وأريناه مكتبتنا وأهديناه بعض مؤلفاتنا مقابل ما أسداه إلينا من العروف سابقًا والفضل للمتقدم ولما كان في ٢٥ من شهر جمادى الأولى من هذه السنة توفاه الله تعالى عن عمر يناهز الخامسة والأربعين غفر الله له وتجاوز عنه.