دعيني فلا والله ما بعد هذه ... مصاب كبير من عضال العوائق
رزئنا كريم الخيم خيرة وقته ... أبيًا تقيًّا ماهرًا في الناطق
فلا ذخر بعد اليوم للدمع والأسى ... وإن كان لا يشفى لهيب الحرائق
أمن بعدما مات الحبيب محمد ... تطيب نفوس مسها حر حارق
أينسى محب نافع غير ضائر ... كريم وصول نابغ في السوابق
له في الندى رسم يطول على الورى ... وتعجز عنه همة المتسابق
وقد كان محبوبًا لدى الخلق كلهم ... سوى كافر مستقبح أو منافق
فمن بعده للحج قل لي عمرة ... ومن بعده يرجى لقطع الطرائق
فإني لأبكيه وإني لصادق ... وجل الورى في قيله غير صادق
وإني لموتور وإني لموجع ... فحسبي إله الخلق جالي المضائق
لقد بدلت نعماؤنا بمكاره ... وخوف وتنكيد مرير المذائق
وقد بدلت أحوالنا بعده أسى ... فآهًا على نجل أصيب بعائق
أعلل نفسي بالتلاقي وقربه ... وأوهمها لكنها في العوائق
أقول لها كفى فما الحزن نافعًا ... وما الهم إلا جالبًا للمضائق
فيا سائرًا يسعى إلى القبر مسرعًا ... رويدًا لكي نحظى ببعض الدقائق
رحلت شهيدًا نحو ربك قاصدًا ... وخلفت فينا كل هم مطابق
فآها على صدع تكسر وانمحى ... وآهًا على علق نفيس مفارق
نكابد أنكاد الحياة وخزيها ... بحالة منكوب وقطع العلائق
عهدناك بالأمس القريب مجددًا ... شهادة تأهيل لعلو الشهائق
فما هي إلا ومضة ثم أطبقت ... عليك الرزايا يا طويل الوثائق
هنيئًا لك الجنات إذ كنت طائعًا ... وكنت أريبًا عاقلًا خير صادق
إلى البر والإحسان تسعى مبادرًا ... تقضي لحاجات وتسعى بالتسابق
لقد كنت برًا في القرابة واصلًا ... وكنت نجيبًا من خيار الخلائق