للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرحبون بقدومنا وركبوا معنا ولسوء الحظ كانت السيارة تعبانة لا أعادها الله فما أن وصلنا إلى المضباعة حتى خربت السيارة وتعطلت في ساعة كانت السماء تهتن بالأمطار والرياح الشديدة باردة وتعذر السير.

فقام رجال الرفقة إلي وقالوا إن نساءنا وهذا الصبى معهن وكان مراهقًا بعضهن يحتجبن منه والبز والقماش الذي تحمله السيارة مختلف الألوان في حفظ الله ثم حفظك وسننطلق لتستفزع أولاد علي لنجدتنا.

فقلت وأنا من حقي عليكم تبعثون إلى أحد الجمالة الثلاثة الذين يترددون من بين بريدة وعنيزة لجلب البضائع بينهما فإني أريد الوطن لأنه وإن كان قريبًا فهو بعيد في هذه الساعة الراهنة ثم قمت وجعلت النساء في ظل السيارة وكن سبعًا وأحطت عليهن بحاجز عن دخول الماء وجعلت الصبي في غمارة السيارة وجعلت بما أستطيعه أغطي حمولة السيارة بالبطانيات والبسط واللحف عن الماء وكنت أظن أن تلك الساعة من أشد ما مر في العمر لأني كنت هدفًا للماء والبرد.

أما عن السائق فقد بعث المساعد إلى عنيزة ليأتيه بطعام منها وتدثر في بشت غليظ صفيق يسمى بودي تمدد فيه للراحة.

فما كان إلا قليل حتى جاءوا بأحد عشر حمارًا تحمل على ظهورها المحامل الخشبية وناقة تحمل خيمة كبيرة لتؤمن حمولة السيارة وجاءوا بمأكولات شهية كثيرة فحملوني مع رحلي إلى بيت فلان الذي هو أحد الجمالة طاهر أما عن الحقيقة فإنهم أبدوا أسفهم الشديد في كوني لم أطمئن إلى بيوتهم في تلك الساعة الحرجة قائلين والله لو كنت قادمًا على صلب لما كنت في هذه الوحشة، البلد بلدك والبيوت بيتك والأهل أهلك والأولاد خدمك وذهب بي الجمال إلى بيت أحد الرفقة محمد بن عبد الرحمن بن سليم حيث وجدت لديه كرامة وحشمة فد أضرم النيران ونقل إليها حطبًا جزلًا ووالى الأطعمة والقهوة والشاي وفي آخر الليل أتى بطعام الحنيني بحيث كان أفخر المطعومات إذ ذاك.