وفيها وفي السنين التي قبلها قل نبات الكمأة بأسباب تأخر الأمطار في الوسمي لأن أمطار الوسمي سبب لوجودها فلأسباب تأخر الأمطار في زمن نفعها وكثرتها في عدم نفعها إذا كدست الزروع أو جعلت في البيادر فيكابد المزارعون مشقة من ذلك لتعفنها، وهذا بأسباب الذنوب والمعاصي، قلت الكمأة جدًا وإن وجدت فإنها تباع بقيم باهظة فلا يحصل عليها إلا الأثرياء وأصحاب الجدة من الأقوياء.
وقد قال عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين" ففي هذه السنة في ٢١ من جمادى الثانية ٢١ برج الدلو بلغت قيمة الكمأة حينما وجدت إن بيع الكرتون المحتوي على أربع كيلوغرام ثلاثة آلاف ريال وخمسمائة ريال وبيعت أربع حبات من الكمأة (الفقع) بأربعمائة ريال، وهذا يعتبر من نوادر الزمان بحيث كانت قيمة الوزنة التي تعتبر في زمننا كيلوغرام وربعًا منذ ستين سنة ببيشيله ونصف من العملة القديمة أي بقدر عُشْر ريال جزء من عشرة ووزنتين بخمس ريال جزء من خمسة فكانت قيمة أربع كيلوغرامات إذ ذاك بثلث ريال فسبحان المتصرف في خلقه على وفق مراده.
وكنت أذكر أنه في عام (١٣٧٤ هـ) يجلس البائع ولديه على بساط أمامه في ماقفة بريدة كومة من التمر وكومة من الإقط وكومة من الكمأة (الفقع) وكومة من الجراد فيأخذ المشتري مما يشاء الوزنة بعُشر ريال بضم العين المهملة.
وما زالت مواد الغذاء تزداد في الغلاء حتى كان المشلح بعدما كان بثلاثين ريالًا بلغت قيمته أربعة آلاف ريال، وقد حدثني المسنون أن بلغت قيمة التمر عشر وزنات بريال وبلغت قيمة البر إن كان خمسة أصواع بريال، وما زالت المؤونة تشتد كما ذكره الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه في حديث ابن عمر - رضي الله عنه -: "ما طفف قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجوْر السلطان" فقد بلغت قيمة صاع البُرّ الممتاز أربعة عشر ريالًا وبلغت قيمة الشعير الممتاز للأكل نحوًا من خمسة ريالات وهلم جرا.