الحملة على العدو لانهزم أمامهم، ولكنهم انشغلوا بالخلافات فيما بينهم ولما رأى أعداء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ضعف المسلمين وانشغالهم فيما بينهم وتفككهم وضعفهم وخورهم واستكانتهم طمعوا فيهم وتداعت أمم الكفر على الإسلام والمسلمين كما تداعى الأكلة على قصعتها لا لقلة المسلمين ولكن كما قال نبينا "غثاء كغثاء السيل" واضرب لذلك مثلًا في صدق العزيمة وقوة الإيمان حينما كانت النية صالحة أن يزحف ألف وخمسمائة بدوي لا يملكون إلا البنادق والسيوف في وقعة تربة التي تقدم ذكرها فيهجمون بقوة الإيمان والدين والعقيدة على جيش العدو البالغ عدده عشرات الألوف ما بين نظام وهجان وما استعدوا به من المدافع والرشاشات والأهوال فيذبحونهم بالسكاكين والسيوف أمام مدافعهم المقيدين فيها، ويعدمون ذلك الجيش عن بكرة أبيهم ويتبعثر اثنا عشر ألف مقاتل مزودين بالأسلحة النارية والقوات العسكرية والبطر والخيلاء يتبعثر ذلك الجيش أمام عدد قليل من المجاهدين الصادقين.
وضد هذا النصر ما جرى في هزيمة حزيران والنكسة المشؤومة التي حصلت على مصر البالغ عددها أربعين مليونًا فيكف الله أيديهم ويمنح العدو أكتافهم ويصيرون لعبة في أيدي اليهود ذبحوا رجالهم وغنموا جميع سلاحهم وسلبوا قواتهم ولولا الإبقاء عليهم لضمت اليهود مصر إلى تل أبيب فخمسمائة مليون مسلم كما يزعمون يعجزون عن عدد قليل من اليهود لا يبلغون عشر معشار المسلمين بل أقل من ذلك مع أن الله سبحانه ذكر عن اليهود أنهم غلت أيديهم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله فيتمكنون مع خستهم أن يفسدوا في الأرض وينتهبوا بلدان العرب ويحرقونها ويهدمونها ويقتلون الرجال والنساء والأطفال.
وكأنما ضرب المسلمون بالذل والخوف والهلع كما روى لنا التاريخ في غزو القرامطة عام (٦٥٦ هـ) وكيف وصلت الأحوال في انتصارهم على المسلمين وذل المسلمين أن يقوم قرمطي من القرامطة فيضع رأس مسلم على حجر ويقول