قلت: يمكن أن الجن يقدرون بتسليط من الله على السرقة وعلى التصرف بالأذى، وقصة أبي هريرة في حفظه لزكاة رمضان وكيف أن الشيطان توصل إلى السرقة مرات منها وأخبر أبا هريرة أن قراءة آية الكرسي أمان للعبد من شر الشياطين وقصة أبي دجانة سماك بن خرشة حينما شكى إلى الرسول ما رأى في بيته مشهورة حينما كتب الرسول بأمره إلى علي كتابًا ينهى الجن عن الأذى وأن ذلك الكتاب أثر عليهم أنينًا وصراخًا وبكاءً يجدون ألمه إلى يوم القيامة.
وقد سبقنا في حوادث (١٣٦٥ هـ) ما جرى على أهل قرية حوالي روضة الربيعية من أذى الجن ورمي أهل قصر فيها بالحجارة والعظام.
وقد رأيت سؤالًا وجوابًا صدر من دار الإفتاء عن رجل تسرف نقوده من بيته ولا يعلم سارقها من أن أهل بيته أمناء فجاء الجواب أن يكون ذلك العمل عن طريق الجن، لأن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ثبت سرقتهم وأن العفريت قال لنبي الله سليمان - عليه السلام - أنا آتيك بعرش بلقيس قبل أن تقوم من مقامك، فدلّ ذلك على أن لهم نفوذًا إذا مكنهم الله من تلك الجرائم.
وذكر شيخ الإسلام أحمد بن تيمية أن من بال عليهم أو نثر عليهم ماءً حارًا وإن كان بغير تعمد لأنهم يرون الإنس ولا يراهم الإنس فقد لا يسلم في الغالب من شرهم نعوذ بالله من شرهم.
وقد يصاب الإنسان بشلل ويكون في الغالب انتقامًا منهم بدعوى أن المصاب حصل منه أذية عليهم وقصة قاتل الحية وما جرى عليه منهم ولم ينجه إلا شهود عدل شهدوا بأنه لم يقتل جنيًا بل قتل حية ذكرها الشارح المكوذي (١).
(١) القصة مروية عن أبي جلال المايورقي أنه خطفته الجن ومكث مدة فسمع بعد طول قراءة أولاد فطمع في الخير منهم فعرض قضيته على معلمهم فقال: إذا سمعت بوجبة عظيمة فاعلم أنه سلطان الجن فناد يا للشرع تسمع بعد ذلك، فنادى فأحضر الجني فسئل فكمال هذا قتل أخي فقال الإنسي ما قتلت إلا حية كما لقنه شيخ الجن فاستفتى المؤدب المذكور وكان كبير السن فوقع حاجبه بيده =