أرضية المقبرة فسمعوا صوته وصراخه فعادوا إلى القرية وأبلغوا الناس فحضروا وقاموا بحفر القبر فخرج عليهم وهربوا خوفًا من منظره لما خرج بأكفانه، وذهب إلى أهله كما مرّ وكان يقول عندما أفقت وأنا في القبر رفعت رأسي فضرب في الحجارة التي كان لها أثر في رأسه، أما عن حالته في القبر فقال شاهدت وكأني في الحلم شخصين حضرا وأخذ أحدهما يسأل الآخر عن عملي فقال له لا يزال له حياة في الدنيا، عندها أفقت على صوت الأغنام ولكنه ساءت حالته متمنيًا دوام الموت لصعقة والدته وأخته لما دخل عليهما، ولما قيل له ما هي النصيحة التي توجهها للناس بعد تجربتك التي عشتها فقال: نصيحتي لهم أن لا تنسيهم الدنيا الآخرة وأن يعملوا لآخرتهم، وكان يرى على منظره كهيئة البهق وكانت قصته بهذا الوضع تذكر بتمام قدرة الله جلت عظمته وأن لكل أجل كتاب.
وتذكرنا هذه القصة بما ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه أنها جرت هذه الواقعة لرجل دفن على إثر سكتة فقدر أنه جاء نباش لأخذ كفنه فوافق أنه أفاق فقام مستويًا وفرّ النباش منهزمًا فجاء إلى أهله بأكفانه قد اتزر ببعضها وحل الآخر مرابطه فوجدهم يبكون وينتحبون لموته فلم يشعروا إلا وقد عاد من قبره يحمل كفنه، والله على كل شيء قدير فسُمي حامل كفنه وعاش بعد ذلك خمسة عشر عامًا.
وقد ذكر علماء الطب المتقدمون أنه قد يموت الإنسان ويوارى في قبره على إثر السكتة فربما أفاق ولم يجد من يخرجه من القبر ويعالج الخروج فلا يتمكن حتى يخمد.
ولكننا نأخذ من ذلك درسًا وهو عدم العجلة في تجهيزه حتى يتبين موته، وذكروا أنه كثيرًا ما يحصل ذلك، وكان صاحب هذه الحادثة عمره يبلغ التاسعة والأربعين من العمر ويذكر أن حرارة القبر أعظم من حرارة نار الدنيا (١).
(١) هذه القصة نشرتها إحدى الجرائد السعودية بعددها ولكنها نشرت جريدة أخرى تكذيب هذا الخبر وأن المذكور أغمي عليه ولم يدفن فرأى ذلك كرؤيا منامية والله أعلم. علقه المؤلف أ. هـ.