أجلوهم عن الشام جملةً إلا من شاء الله كما جرى في إخراجهم من لبنان إلى المغرب، وإن كان بالإمكان أن يربوا بأنفسهم عن تلك الأعمال الوحشية التي استهدفت لها الأطفال والنساء والعجزة، كما أن هدم بيوت الفلسطينيين وطردهم منها أمر تشمئز منه القلوب، وتنكره الفطر السليمة والعقول المستقيمة، ويقابلهم شباب فلسطين البؤساء الذين لا يملكون من السلاح سوى الحجارة والزجاجات الحارقة، وإشعال إطارات السيارات في طرق اليهود، ثم يقابلهم اليهود مما لديهم من الأسلحة النارية مما بين قتيل وبين جريح وهم وإن كانوا بهذا الوضع ويخسرون يوميًا قتلى وجرحى، فهم يواصلون أعمالهم بنشاط وقوة عزيمة، وكانوا يعذبون شباب هذه الانتفاضة بأنواع التعذيب تارةً بضرب رؤوسهم وتكسير جماجمهم، وتارةً بقطع أيديهم، كل ذلك لأجل أن ينتهوا ويخضعوا للاستعمار اليهودي وتعسفاتهم، ويكفوا عن انتفاضتهم، وبما أن العرب وغير العرب اعترفوا بالدولة الفلسطينية وأنشئوا لها سفارات في ممالكهم فقد بلغ الأمر حده بالفلسطينيين إلى غاية هذه السنة العاشرة من القرن الخامس عشر وهم يكابدون مرارة الحياة، وكانت العرب تمدهم بالمجال وتشجعهم في تحرير بلادهم وتخليصها من براثن أولئك الغزاة الذين فقدوا دينهم وإنسانيتهم، هذا الذي تستطيعه العرب وسائر المسلمين بعد جهاد مرير وحروب مع اليهود لم يستطيعوا إحراز النصر فيها، ومما ينبغي أن يعلم أن العدو بهذا الوضع يستطيع أن يسحق أهالي فلسطين ويمحقهم بيوم أو بعض يوم، ولكن الأمور مرهونة لأوقاتها, ولكن مراعاة للمسؤولية وما تتلقاه اليهود من تعليمات من أسيادهم الأمريكيين يعاملون أهالي فلسطين بتلك المعاملة، يريدون بها أن يكونوا دائمًا خاضعين لسيطرتهم، فقد بلغت مشكلة فلسطين أربعًا وخمسين سنة وهي بهذا الوضع لا تزداد إلا توترًا، وأصبح المسجد الأقصى أولى القبلتين مهددًا من أخطار اليهود، وبما أن الداعمين لليهود حكومات لا يستهان بها فأمريكا وفرنسا وبريطانيا والروس تطالع عن كثب، قد أنزلوهم بفلسطين بين العرب وفي وسط