صالح إلى القاهرة للبحث في الموضوع، وآخر ذلك أن انقطعت الأخبار جملةً عن الكويت وصارت في عالم الخفاء، وذكر الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن العراق إن اعتدت على السعودية أو الأردن فإنها ستتدخل عسكريًا، وكان صدام ينفي نفيًا تامًا أن يكون اقترب من السعودية أو حدودها.
وفيها في ١٣ محرم وقع زلزال في حوالي روسيا انهد له منازل، كما أنه في ذلك اليوم تنازل ميخائيل غوربتشوف عن رئاسة الشيوعية هناك، ولما أن كان في اليوم الخامس عشر من محرم امتلأت البلاد السعودية بسكان الكويت الذي أخرجوا من ديارهم وأموالهم وأوذوا، وانتهبت أموالهم، وحرقت سياراتهم، وأصبحوا عالة فقراء لا يملكون شيئًا مشردين مشتتًا شملهم نساءًا وأطفالًا يلتجئون على الورش وأكواخ خيام أشبه بها زرايب الحيوانات، يستظلون بها بعد المراوح والمكيفات بحالة يرثى لها، وإن المدعو صدام حسين المغرور قد ارتكب أكبر الجرائم في معاملته لأهل الكويت البؤساء الذين لم يظلموا، وكانت تلك الفعلة الشنعاء لم يفعلها اليهود ولا النصارى ولا الذين أشركوا, لأن لا ذنب لهم يستحقون ما فعله بهم، وكانت الأسرة إذا رأوا كراج أو صاحب بيت يريد الخروج أو الذهاب لزيارة أو سياحة في حفر الباطن والدمام وغيرها يسقطون أمامه يسترحمونه لعله أن يسمح بسكنى إلى أن يأذن الله له بفرج أو مخرج، وقد امتلأت المساجد والمدارس بهم، وقد حدثني بعض من أثق به أن الأمة المقيمين في الكويت لما وجدوا سبيلًا للفرار حفاظًا على أعراضهم سحبوا أطفالهم من فرشهم نائمين وهربوا ولم يكن في جيوبهم ما يؤمن قيمة المحروقات للسيارات التي تحملهم إلى السعودية، وإن أسرة تعطلت سيارتهم بالدمام فبعثوا إلى أقربائهم في مدينة بريدة ليوافوهم بسيارة تؤمنهم في مسيرهم إلى مدينة بريدة، وأعلن البقية الذين تخلفوا بالكويت أنهم لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة سوى أسبوع واحد لأن المحلات التجارية والبقالات قد انتهبت، ولم يبقَ لديهم من القوت سوى ما يؤمنهم أسبوعًا لا غير.
ولما كان في صباح السابع عشر من شهر محرم الموافق أغسطس ١٩٩٠ م الموافق