جراء فعلته المشؤومة وتنفسوا الصعداء فارين مما وجدوا إلى الفلوات والبراري ينادون بأنهم صافون تحت راية أميرهم جابر الأحمد، ويقدرونه بأنفسهم وأموالهم، ولما أن أبحرت البواخر ونزلت الأسطولات البحرية أشار بأنه علم أن العراق استهدفت للسحق والدمار، فأوعز إلى الرئيس المصري حسني مبارك يطلب عقد مجلس قمة بعد ما كان لم يخضع للعرب ولا إلى مؤتمراتهم، فأجابت العرب بأن الباب لا يزال مفتوحًا بشرط أن ينزل على أوامر مجلس الأمن وقيوده، وهي انسحابه جملةً من الكويت، وأن يرجع إلى صباح إمارتهم، وتلغى إمارته التعسفية المختلقة، وأن لا يعود إلى مثل أفعاله العجيبة المتقدمة، وأن تكون أمريكا هي الكفيلة بأمن الخليج عن مثل اعتداءاته على جيرانه وهتكه الأمن وأذيته للعرب والمسلمين، ولما أن خرج أهالي الكويت من بلدهم بحالة يرثى لهم، انتهبت سياراتهم الثمينة، وخرج الذين تخلصوا من جراء تلك المحن العمياء على سيارات هزيلة، وأغلقت في وجوههم الطرق الرئيسية ليسيروا عبر الصحراء، وطرق غير معبدة علهم يهلكون، ولم تكتف أفراد القوات العراقية بما حصل بل رصدوا لهم في الطرق يلاحقونهم ويسلبون ما على النساء من الحلي، وأخذ ما بأيديهم من نفقة، فانتهبوها وهتكوا أعراض النساء، ومما يؤسف له قصة سأرويها عن كويتي فرَّ هاربًا بعائلته المكونة من زوجته وأربع بنات، فاعترض له عراقي وأوقفه واختار إحدى البنيات ليعتدي عليها أمام والدها بالقوة، وصوب إليهم الرشاش فخوفه بالله وعقوباته، وقال له: خذ ما بأيدينا، وإن شئت فخذ السيارة ودعنا نهلك فالنار ولا العار، فصمم على ما يريد، فاستسلم المسكين وقال: خذ الفتاة واقض شهوتك منها بمكان بعيد وأت بها بعد ما تنتهي منها، فأخذها ولم يرجع بها, ولما لحقه يطلبه أن يرجع بالفتاة أبى وقال: سأعدمكم جميعًا إن لم تتركوها لي، وكان إذا جلس يرى عليه آثار البؤس ثم يغشى عليه، فإذا أفاق بعد ما استراح في السعودية سألوه عن نكبته التي تركته على هذه الحالة، يروي لهم القصة فنعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.