وقراها يتسابقون إلى الجبهة السعودية، وفي يوم الأربعاء ثاني صفر زار ولي العهد والنائب الأول رئيس الحرس الوطني الأمير عبد الله بن عبد العزيز يصحبه أصحاب السمو الأمراء السعوديون، ووقف بنفسه يشرف على الألوية والفيالق هناك، ويحثهم على الصبر والمصابرة، وأن الله معهم، ولما كان في ١٥/ ٤ تكامل عدد الطائرات الحربية الزاحفة إلى الخليج، والتريلات الحاملة للدبابات والمدافع الثقيلة بعد ما استمرت ثلاثة أشهر وخمسة أيام من أمريكا وبريطانيا ومصر وسورية، كما أن الأساطيل البحرية رست في مياه الخليج، وحاملات الطائرات وغيرها، وكانت في صف القوات السعودية، وقد اشترك في ذلك الباكستان، وزحف المتطوعون للقتال، وجاءت القوات التي قد اشتركت في الدفاع عن أفغانستان وساعدت اليابان بالحال، ولبت القبائل مجيبةً لدعوة ملك السعودية، كما أن قبائل اليمن كانت مستعدة للاشتراك في هذه الحملة على العراق، ولم يتخلف سوى حسين في عمان وحكومة اليمن اللتين كانتا مغمورتين بنعم السعودية، وفي كلام الحكمة:"اتق شر من تحسن إليه"، وقال سفيان الثوري العالم الكبير في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام، كما أن تونس التي يرأسها زين العابدين بن علي وموريتانيا لم تشتركا في الموضوع بل كانتا في صف العراق المعتدي الخائن، ثم دعت الجيوش الإِسلامية ومن انضم إليها الرئيس العراقي صدام حسين أن يفيء إلى أمر الله ويترك الأذى، ويقبل حسن التفاهم، ويميل إلى السلم، ويرجع عن غيه وضلاله، ولكنه صمم على ما هو عليه من الأذى والشقاق، ولم يقبل من أحد كائنًا من كان، ولقد دعته مصر إلى أن ينزل على حكم الله ويذر ما هو عليه من الشر والأذى، فلم يقبل وأبى إلا القتال وإثارة الفتن معتمدًا على ما لديه من القوة، وكان قد اختبأ في قبر من الأرض واتقى البأس بالأطفال الذين احتجزهم كرهائن لديه، ونسائهم لنعمهم معه، وهذا يدل على سخافة عقله، ولو كان شجاعًا كما يزعم لبرز في الميدان كما قيل:
تسمى فتى البطحاء حياءً وخجلةً ... وما القرن يخفى في قراع الكتائب