وكان لما رأى نفسه ومن أضلهم محصورين من الجنوب بجنود الله ومن ساعدهم من الأوفياء، ومن الشمال بإيران الدولة التي طالما أذاها وحاربها وهلك بشؤومه مليون من الأنفس البشرية، بعث إليها يقول في يد الصلح وتبادل الأسرى، ورد إليها جميع الأراضي التي اغتصبها فعبارة أنه خسر الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمان سنوات، فأجابت الأخرى بأنه لا مانع من ذلك ويدها على قلبها بحيث لا تنخدع له ولا لأكاذيبه، ورجعت بذلك واستردت أراضيها، وتبادلوا الأسرى ولكنها اشترطت عليه شرطين: بأن احتلاله الكويت لا توافقه عليه، وتسخط من فعاله تلك وأن يبذل لها نفقات الحرب وخسائرها التي سببها ذلك المشؤوم، ثم بعث إليها يواسيها بالزلازل والهزات التي جرت عليها أي بعد وقوعها شهرين، ثم إنه دعا بجنوده المرابطين على حدود إيران ووجهها إلى السعودية، وكانوا ثلاثمائة ألف وخمسين ألفًا فمن عذاب إلى أكبر منه، ومن هؤلاء بعض الأسر الذين استخرجهم من سجون إيران، فما أن وصلوا إلى أهاليهم في العراق وتمتعوا برؤيتهم يومًا واحدًا حتى ألزمهم بأن يحاربوا إخوانهم السعوديين ويصرفهم من حرب إخوانهم الإيرانيين إلى حرب السعوديين، وقد جرت فيه سوابق في إبادة الأكراد الضعفاء المساكين، بحيث سلّط عليهم السلاح الكيميائي وأبادهم عن أخرهم، وله بوادر شرّ أن لم يؤخذ على يديه لأنه أصبح خطرًا على الأمن, وقد فرَّ من العراق وظلم صدام ألوف إلى السعودية واستجاروا إليها، وقد حدثني من حضر هجومه على الكويت من دون سابق إنذار أن المسلمين يصلّون صلاة الفجر فلم يشعروا إلى بضرب المدافع وجر الأطواب والدبابات عليها، فمنهم من فرَّ وكتبت له النجاة، وكان من الذين هجموا على الكويت يغررون ولم يعلموا الحقيقة أنهم شاب يقولون قيل لنا تعلمون مغاوره فكانوا لم يحملوا ولا ماء للشراب، بل جعلوا يطرقون بيوت المتبقين في الكويت يسألون شربة من الماء، فعبارة أعاد فعل الإفرنج والحروب الصليبية وما فعلوه