بين ابن سعود وابن رشيد، فأما عبد الله بن فيصل فإنه يرجع إلى الرياض، وأما ابن رشيد فإنه أقام على بريدة مدة أيام ثم رجع إلى الجبل.
وفيها توفي الشيخ الإمام عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمة الله عليه، وسبب علته لما سطى محمد بن سعود على فهد بن صنيتان تلك السطوة بمسجد الجامع وهو قريبه من ذوي رحمه فلم يرع حق القرابة ولا حق المسجد. وتلك القتلة أثرت صدعًا في قلب الشيخ حتى توفي رحمه الله.
وهذه ترجمة الشيخ الإمام النبيل، والعالم العلامة الجليل، الألمعي الماهر الهمام، والحبر السميدع المقدام، البحر الزاخر، والعلم الظاهر، ذو الأخلاق الزكية، والمناقب الجلية، شيخ الإسلام، وقدوة العلماء الأعلام، عبد اللطيف بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، أسكنه الله فسيح جنته وصب عليه في لحده شابيب رحمته، فلله دره من إمام تحلى بذكره المجالس ويحذى بمناقبه على ممر الهواجس، كساه الله ثوبًا من البهاء والإجلال ما كان يملأ ذكر المسامع ويقنع الباحث والمراجع:
فيا حي يا قيوم يا من له الثنا ... ويا من على العرش استوى فهو بائن
أنله الرضا والعفو فضلًا ورحمةً ... فإن الفتى يجزي بما هو دائن
وقد بذل المجهود في نصرة الهدى ... وإعلائه حتى علالًا يداهن
وأبدى كنوزًا في العبادة للورى ... لكي يستبين الرشد من هو مائن
أماط القذى عنها وصفى معينها ... لوا ردها للصادي وما هو شائن
كان عبد اللطيف معظمًا محترمًا تهابه الملوك وسائر الرعية، ولما حمل إلى مصر مع من نقل إليها على أثر نكبة نجد، أخذ عن علماء من أهل مصر فمنهم الشيخ العلامة مفتي الجزائر محمد بن محمود الجزائري الحنفي، وأخذ أيضًا عن الشيخ إبراهيم البيجوري شيخ الجامع الأزهر، وأخذ عن الشيخ مصطفى الأزهري، والشيخ أحمد الصعيدي وغيرهم.