وقد كان الأمير جابر وولي عهده سعد بن عبد الله يسعون بكل جد ونشاط في طرد العدو عن بلادهم، ويطالبون مجلس الأمن في تنفيذ قراراه في مصير الكويت، وانسحاب المغتصب عنها، وكان العدو قد قام كما تسول له نفسه أن تتخلى الكويت عن بعض أراضيها للعراق، ولكن الكويتيين لن يسمحوا بالتخلي عن شبرٍ واحدٍ من أراضيها، وفي كل يوم يشدد الضغط على حكومة العراق والتضييق عليها، وبما أنهم أصبحوا في حصار مستمر فإنها ستضطرهم الأحوال إلى الانسحاب، وكنت أظن أن أحكي الحقائق على وضعها أن الحكومة الأمريكية لا تكتفي بالانسحاب فحسب بل تريد الإطاحة بحكم صدام حسين الذي أعد عدته للفرار واللجوء إلى إحدى الدول إن حصل على ذلك، فلقد جرت محاولات لاغتياله، ولقد ضر نفسه وشعبه، وكان لما أن أقدم على ما أقدم عليه من أعماله المتقدمة ساءت سمعته ولقب بالدكتاتوري، ونظمت قصائد كثيرة في مسبته وانشق عليه شعب العراق وذلك لما كابدوه من الجوع لما اشتد الحصار، وقتل الأبرياء وأصبحت الأمة من جراء فعله بحالة يرثى لها، ونحن نسوق قصيدة من تلك القصائد التي يندى لها الجبين وتبعث الأحزان، وهي لمحمد نادر فرج:
رجف الكون غاضبًا والوجود ... مِن لظى الرزء فالمصاب شديد
أنه اليوم يوم خطبٍ جليل ... شاب من هوله الغلام الوليد
أهو الحشر أم تراه شبيهًا ... فيه ما ذاقه الكويت الشريد
أذهل الناس لا يقر قرار ... فلقد حار في المصاب الرشيد
ليس من راعها يفقد بنيها ... أجنبيًا به رماها الوجود
ليس من شرد الآلوف وأفتى ... في الكويت الشقيق ليس اليهود
إنه القدر قد تحدانا ... إنه الحقد حين ساد الحسود
إنه ابن الخليج تعسًا وسحقًا ... لأخ فاجر وعنه القرود
أين أين الإخاء هل من وفاء ... لأخ كان في الفؤاد يجود
أين ابن الإخاء وصمة عار ... حين تعدو على الإخاء الجنود