خمسمائة كردي ولم يؤدوا ما تقرر عليهم من تعويضات ما خربوه في الكويت، فقد أنذرت أمريكا الحكومة العراقية بأن يلتزموا بما أوجب عليهم وأعطتهم مهلة إلى خامس وعشرين من شهر يونية الموافق ١٤/ ١ فإن فاءوا فلا بد من ضرب العراق، وقامت بريطانيا العظمى بتأييد أمريكا وتجنيد ما اتخذته من التدابير ضد العراق، وقد أمر الرئيس جورج بوش بأن تجهز الطائرات تحضر الدبابات لهذه المهمة، وكان قد قام بزيارة لقبرص وتركيا وبريطانيا، وكان صدام وشيعته لما رأوا من عدم التزام إسرائيل من أوامر الأمم المتحدة أخذوا من ذلك درسًا ليعاندوا، ويأخذوا بقول القائل وهو أبو العلاء المعري:
أرى العنقاء تكبر أن تصادا ... فعاند من تطيق له عنادا
ورأى من ذلك أن يعاند ويظهر في مظهر القوي الذي لا تلين قناته ولكن هذا الاصطلاح بعيد، وكيف وأنى وهيهات فلا تستوي الحالتان، وكان فيما يظهره من جبن وتبدو سوء تصرفاته الخالية من السياسة أنه يعلن بأن لا فائدة في إصلاح الكويت، ورجوع أهلها إليه فإنه سيعيد الكرة عليهم مرةً أخرى، وتظاهر مغلوب بهذا القصد يدل على أمرين: إما أن يكون عن ضعف عقله وسوء تصرفه، وإنه لا يقيم للأمور وزنا مع ما هو من سوء الحال، وما سببه على شعب بزعم أنه هو رئيسه من الذل والفقر والمرض وسوء الحال التي كست وجهه اسودادًا وأثبتت له عجزًا وسوء تصرف، وأعجب شيء حربه لإيران وما سببه من قتل الأنفس والفتك والتدمير والإفساد في الأرض والاستغاثة ليساعدوه بالأسلحة والأقوال لحرب الفرس، فلما جمعها تنازل عن تلك الحرب وخسرها ورد عليهم جميع أرض لهم استولى عليها، ثم يلتفت بجميع ما ساعده به جيرانه فيرميهم بها ويصبح أهالي العراق لقمة سائغة للعقوبات، وتارةً يذهب إلى الشمال ليدمرهم وتارةً يذهب إلى الجنوب ويجعلهم جيفًا ملقاة على ظهر الأرض، ويكون هو وشيعته الذين استغواهم وجعلهم في أسراب في بطن الأرض يأكلون ويتمتعون وسائر الشعب يعيش في المساغب وفتك الأمراض، وتهدم منازلهم للعذاب بسببه، فهذا من جهة