عليهم شيطان العراق بغروره وخداعه، وزين لهم الباطل فلا أفلحوا وافتضحوا بين الناس بحيث كشفوا عوراتهم بأيديهم وأخزاهم الله، ولكن الله تعالى قال:{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الممتحنة: ٥]، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطل وارزقنا اجتنابه.
وفيها في ١٦/ ٣ قدم مبعوثوا الأمم المتحدة إلي العراق للتفتيش على الأسلحة الكيماوية والنووية وعددهم ٤ أعضاء، ولما أن قدموا على العراق قامت الحكومة العراقية القبض عليهم كأسراء واحتجزوا الوثائق التي يحملونها، وأثار ذلك غضبًا، وأمر بالقوات الأمريكية والإنكليزية أن تكون على أتم استعداد للحرب وضرب العراق، وقد أنسدت الطرق بالدبابات وحاملاتها، وامتلأ البحر بإحضار الطائرات القاذفة للقنابل على اختلاف أنواعها، وجعلت الأمة تنتظر لضرب العراق، وأصبح الشر على قاب قوسين أو أدنى، ومن نظر إلى ما كان عليه الرئيس المزعوم المخذول من التقلبات والكذب والخيانة وما يبيته من الشر والمكر والكيد فإنه يكون على علم ويقين بأنه لا صلاح للعرب ولا للعراق إلا بالقضاء عليه، وها هو يجلب قوات من سائر الأنحاء يعد العدة ويبرم حبال الفتنة كما قيل:
ويربو وينمو كلما كان مهملًا ... كجذوة نارٍ شرها يتوقع
فإن لم تجد قبل التوقد مطفئًا ... عجولًا خوت منها بيوت وأربع
كذا أصل أتلاف الرعايا رعاعها ... إذا لم يقم للمفسدين مروع
ولم سُئل أبو مسلم الخراساني عن سبب زوال ملك بني أمية قال: لأنهم قربوا العدو تآلفًا له وأبعدوا الصديق ثقةً به فما صار العدو صديقًا وصار الصديق عدوًا ويقول شاعر العرب الحكيم:
وإذا الصديق لفيته متملقًا ... فهو العدو وحقه بتجنب
لا خير في ود امرؤٍ متملقٍ ... حلو اللسان وقلبه يتلهب
يلقاك يحلف أنه بك وائقٌ ... وإذا توارى عنك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوةً ... ويروغ منك كما يروغ الثعلب